من رأى المياه والعيون
قال أصحاب التعبير : « الساقية التي لا يغرق في مثلها حياة طيّبة ، والبحر الملك الأعظم ، فإن استسقى منه ماءً أصاب من الملك مالاً ، والنهر رجل بقدر عظمته ، والماء الصافي إذا شرب خير وحياة طيّبة ، وإن كان كدراً أصابه ، مرض ، وشرب الماء المسخّن ودخول الحمّام همّ ومرض ، والماء الراكد أضعف في التأويل من الجاري.
والمطر غياث ورحمة إن كان عامّاً ، وإن كان خاصّاً في موضع فهو أوجاع يكون في ذلك الموضع والطين والوحل ، والماء الكدر همّ وحزن ، والسيل عدوّ يتسلّط ، والثلج والبرد والجليد همّ وعذاب ، إلاّ أن يكون الثلج قليلاً في موضعه وحينه ، فيكون خصباً لأهل ذلك الموضع ، والسباحة إحتباس أمر ، والمشي على الماء قوّة نفس ، ومن غمرة الماء أصابه همّ غالب ، والغرق فيه إذا لم يمت غرق في أمر الدنيا ، وانفجار العيون من الدار والحائط ، وحيث ينكر انفجارها همّ وحزن ومصيبة بقدر قوّة العين ، والخمر مال حرام ، فإن سكر منها أصاب معه سلطاناً ، والسكر من غير الشراب خوف ، ومن اعتصر خمراً خدم السلطان وأخصب وجرت على يده اُمور عظام. قال تعالى : ( إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً ) (١) فأوّله يوسف بأنّه يسقي ربّه خمراً ، وشرب اللبن فطرة ، وهو يكون مالاً حلالاً.
من رأى الأشجار والثمار والحبوب
والأشجار رجال أحوالهم كأحوال الشجر في الطبع والنفع وطيب الريح ، فمن رأى شجراً أو أصاب شيئاً من ثمرة أصاب من رجل في مثل حال ذلك الشجر ، والنخل شريف ، والتمر حال ، وشجر الجوز رجل عجمي شحيح ، والجوز نفسه
_________________________
(١) يوسف ١٢ : ٣٦.