نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) (١)
وتقديره : ناديناه بأن : يا إبراهيم ، فعلت ما اُمرت به في الرؤيا.
روى العيّاشي : بإسناده عن بريدة بن معاوية العجلي ، قال : « قلت لأبي عبدالله ، كم كان بين بشارة إبراهيم عليهالسلام بإسماعيل وبين بشارته بإسحاق ؟ قال : « كان بين البشارتين خمس سنين. قال الله سبحانه : ( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ) (٢) ، يعني إسماعيل ، وهي أوّل بشارة بشّر الله بها إبراهيم في الولد ، ولمّا ولد لإبراهيم إسحاق من سارة ، وبلغ إسحاق ثلاث سنين أقبل إسماعيل عليهالسلام إلى إسحاق وهو في حجر إبراهيم ، فنحّاه وجلس في مجلسه ، فبصرت به سارة ، فقالت : يا إبراهيم ، ينحّي ابن هاجر ابني من حجرك ويجلس هو في مكانه ، لا والله ، لا تجاورني هاجر وابنها في بلاد أبداً ، فنحّهما عنّي ، وكان إبراهيم مكرماً لسارة ، يعزّها ويعرف حقّها ، وذلك لأنّها كانت من ولد الأنبياء وبنت خالته ، فشقّ ذلك على إبراهيم واغتمّ لفراق إسماعيل عليهالسلام.
فلمّا كان في الليل أتى إبراهيم آت من ربّه ، فأراه الرؤيا في ذبح إسماعيل بموسم مكّة ، فأصبح إبراهيم حزيناً للرؤيا التي رآها ، فلمّا حضر موسم ذلك العام حمل إبراهيم هاجر وإسماعيل في ذي الحجّة من أرض الشام ، فانطلق بهما إلى مكّة ليذبحه في الموسم ، فبدأ بقواعد البيت الحرام ، فلمّا رفع قواعده خرج إلى منى حاجّاً ، وقضى نسكه بمعنى ، ورجع إلى مكّة فطافا بالبيت الحرام إسبوعاً ، ثمّ انطلقا إلى السعي ، فلمّا صارا في المسعى ، قال إبراهيم عليهالسلام لإسماعيل : يا بنيّ ، إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك في موسم عامي هذا ، فماذا ترى ؟
قال : يا أبت ، افعل ما تؤمر ، فلمّا فرغا من سعيهما إنطلق به إبراهيم إلى منى وذلك يوم النحر ، فلمّا انتهى به إلى الجمرة الوسطى وأضجعه لجنبه الأيسر ، وأخذ الشفرة
_________________________
(١) الصافّات ٣٧ : ١٠٤ و ١٠٥.
(٢) الصافّات ٣٧ : ١٠١