رجع به ، ولا يسمع لهم صياح ولا لفظ (لغط) وأنتم عندي كلّ يوم تظنون الظنون).
فمن مرّت به هكذا تجربة كيف يُعقل تناسيها ، ولا يحتاط بعدم إثارة الفضول والشكوك؟
وأيضاً كيف لم يثر ذلك المشهد فضول الأصحاب وفيهم أمثال الأشعث ابن قيس الّذي كان يدس أنفه في كلّ شيء ، وتفتح شهيته إثارة الفتنة؟
٩ ـ قال : « إنّ عليّاً قال له : ألا تعينني على قتالهم؟ فقال ابن عباس : لا والله لا أقاتل قوماً قد خصموني في الدنيا وإنّهم يوم القيامة لي أخصم وعليّ أقوى ، إن لم أكن معهم لم أكن عليهم ».
أقول : ما دام الحديث كان سراً ونجوى بين الإمام وابن عباس ولم يكن معهم ثالث ، فمن ذا يا ترى أذاع النجوى؟
هل هو الإمام الّذي حرص على عدم معرفة أصحابه بما جاء به ابن عباس؟ وهذا لا يعقل لأنّ إذاعته على خلاف مصلحته.
أو هو ابن عباس لأنّه الطرف الآخر؟ وهنا سؤال يقفز في الذهن : فإذا كان هو ابن عباس فلابدّ أنّه حدّث به لآخر أو آخرين فسُمع منه وروي عنه ، فمن هو الراوي لذلك؟ لماذا لم يذكر اسمه في المحاورة؟
١٠ ـ قال : « واعتزل ابن عباس (رضي الله عنه) ثمّ فارقه ... وكتب إليه عليّ يأنّبه (وهذا غلط إملائي وصوابه : يؤنّبه) بمال أخذه من البصرة من بيت المال : فقال له : قد عرفت وجه أخذي المال ... قد علمت أخذي للمال من قبل قولي في أهل النهروان ».