نزل في بني تميم ، فأتاه العثمانية مسلّمين عليه ، وحضره غيرهم فخطبهم وقال : إنّ عثمان إمامكم إمام الهدى قتل مظلوماً قتله عليّ فطلبتم بدمه فجزاكم الله خيراً.
فقام الضحاك بن قيس الهلالي ـ وكان على شرطة ابن عباس ـ فقال : قبّح الله ما جئتنا به وما تدعونا إليه ، أتيتنا والله بمثل ما أتانا به طلحة والزبير أتيانا وقد بايعنا عليّاً واستقامت أمورنا فحملانا على الفرقة حتى ضرب بعضنا بعضاً ، ونحن الآن مجتمعون على بيعته ، وقد أقال العثرة وعفا عن المسيء ، أفتأمرنا أن ننتضي أسيافنا ويضرب بعضنا بعضاً ليكون معاوية أميراً ، والله ليوم من أيام عليّ خير من معاوية وآل معاوية.
فقام عبد الله بن خازم الأسدي فقال للضحاك : أسكت فلست بأهل أن تتكلم ، ثمّ أقبل على ابن الحضرمي فقال : نحن أنصارك ويدك والقول قولك فاقرأ كتابك ، فأخرج كتاب معاوية إليهم يذكرهم فيه آثار عثمان فيهم وحبه العافية وسدّه ثغورهم ، ويذكر قتله ويدعوهم إلى الطلب بدمه ، ويضمن أنّه يعمل فيهم بالسنّة ويعطيهم عطاءين في السنّة. فلمّا فرغ من قراءته قام الأحنف بن قيس فقال : لا ناقتي في هذا ولا جملي واعتزل القوم.
وقام عمرو بن مرجوم العبدي فقال : أيها الناس الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا تنكثوا بيعتكم فتقع بكم الواقعة. وكان عباس (١) بن صحار العبدي مخالفاً لقومه في حب عليّ ، فقام وقال : لننصرنك بأيدينا وألسنتنا.
فقال له المثنى بن مخربة العبدي : والله لئن لم ترجع إلى مكانك الّذي جئتنا منه لنجاهدنك بأسيافنا ورماحنا ، ولا يغرنّك هذا الّذي يتكلم ـ يعني ابن صحار ـ
____________
(١) هكذا في تاريخ ابن الأثير وقد مر أن اسمه صحار بن عباس ، ولعل سهواً في أحد النقلين.