نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (١) أتراهم نُهوا عني فأطاعوه ، والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، وغدا بروح أبي القاسم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى الجنّة لقد قرنت برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حيث يقول (عزّ وجلّ) : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٢).
ولقد طال ـ يا بن عباس ـ فكري وهمّي وتجرّعي غصة لأمر ورود أقوام على معاصي الله ، وحاجتهم إليّ في حكم الحلال والحرام ، حتى إذا أتاهم أمن الدنيا أظهروا الغنى عني ، كأن لم يسمعوا الله (عزّ وجلّ) يقول : ( وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإلى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (٣) الآية ، ولقد علموا أنّهم احتاجوا إليَّ ولقد غنيت عنهم ( أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) (٤) فمضى من مضى قالٍ عليَّ بضغن القلوب ، وأورثها الحقد عليَّ ، وما ذاك إلاّ من أجل طاعته في قتل الأقارب مشركين ، فامتلأ غيظاً واعتراضاً ، ولو صبروا في ذات الله لكان خيراً لهم ، قال الله (عزّ وجلّ) : ( لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) (٥) الآية ، فأبطنوا مَن ترك الرضا بأمر الله ما أورثهم النفاق ، وألزمهم بقلة الرضا الشقاق ، وقال الله (عزّ وجلّ) : ( فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) (٦).
فالآن يا بن عباس قرنت بابن آكلة الأكباد وعمرو وعتبة والوليد ومروان وأتباعهم وصار معهم في حديث ، فمتى اختلج في صدري وألقي في رُوعي أنّ
____________
(١) الحشر / ٧.
(٢) الأحزاب / ٣٣.
(٣) النساء / ٨٣.
(٤) محمّد / ٢٤.
(٥) المجادلة / ٢٢.
(٦) مريم / ٨٤.