الأمر ينقاد إلى دنيا يكون هؤلاء فيها روساء يطاعون ، فهم في ذكر أولياء الرحمان يثلبونهم ويرمونهم بعظائم الأمور من إفكٍ مختلق ، وحقدٍ قد سبق ، وقد علم المستحفظون ممّن بقي من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّ عامة أعدائي ممّن أجاب الشيطان عليَّ ، وزهّد الناس فيَّ ، وأطاع هواه فيما يضره في آخرته وبالله (عزّ وجلّ) الغنى وهو الموفق للرشاد والسداد.
يا بن عباس ويل لمن ظلمني ودفع حقي ، وأذهب عني عظيم منزلتي ، أين كانوا أولئك وأنا أصلي مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صغيراً لم يكتب عليّ صلاة ، وهم عبدة الأوثان وعصاة الرحمن ، ولهم توقد النيران ، فلمّا قرب إصعار الخدود وإتعاس الجدود أسلموا كرهاً ، وأبطنوا طمعاً في أن يطفئوا نور الله ، وتربّصوا انقضاء أمر الرسول وفناء مدته ، لما أطمعوا أنفسهم في قتله ، ومشورتهم في دار ندوتهم. قال الله (عزّ وجلّ) : ( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) (١) ، وقال : ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (٢).
يا بن عباس ندبهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حياته بوحي من الله يأمرهم بموالاتي ، فحمل القوم ما حملهم ممّا حقد على أبينا آدم من حسد اللعين له ، فخرج من روح الله ورضوانه ، وألزم اللعنة لحسده لولي الله. وما ذاك بضارّي إن شاء الله شيئاً.
يا بن عباس أراد كلّ أمرئ أن يكون رأساً مطاعاً تميل إليه الدنيا وإلى أقاربه ، فحمله هواه ولذة دنياه ، واتباع الناس إليه ، أن نوزعت ما جُعل لي ، ولولا
____________
(١) آل عمران / ٥٤.
(٢) التوبة / ٣٢.