اتقائي على الثقل الأصغر أن ينبذ فتنقطع شجرة العلم وزهرة الدنيا وحبل الله المتين ، وحصنه الأمين ، ولد رسول ربّ العالمين ، لكان طلب الموت والخروج إلى الله (عزّ وجلّ) ألذّ عندي من شربة ظمآن ونوم وسنان ، ولكني صبرت وفي الصدر بلابل ، وفي النفس وساوس ، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ، ولقديماً ظلم الأنبياء ، وقتل الأولياء قديماً في الأمم الماضية والقرون الخالية ( فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِه ) (١) ، وبالله أحلف يا بن عباس إنّه كما فتح بنا يختم بنا وما أقول لك إلاّ حقاً.
يا بن عباس إنّ الظلم يتسق لهذه الأمة ويطول ويظهر الفسق وتعلو كلمة الظالمين ، ولقد أخذ الله على أولياء الدين ألاّ يقارّوا أعداءه ، بذلك أمر الله في كتابه على لسان الصادق رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) (٢) الآية.
يا بن عباس ذهب الأنبياء فلا ترى نبياً ، والأوصياء ورثتهم ، عنهم أخذوا علم الكتاب وتحقيق الأسباب قال الله (عزّ وجلّ) : ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ) (٣) فلا يزال الرسول باقياً ما نفذت أحكامه وعمل بسنته ، وداروا حول أمره ونهيه.
وبالله أحلف يا بن عباس لقد نُبذ الكتاب ، وترك قول الرسول إلاّ ما لا يطيقون تركه من حلال وحرام ، ولم يصبروا على كلّ أمر بينهم ( وَتِلْكَ الأَمْثَالُ
____________
(١) التوبة / ٢٤.
(٢) المائدة / ٢.
(٣) التوبة / ٢٤.