نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاّ الْعَالِمُونَ ) (١) ، ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ) (٢) فبيننا وبينهم المرجع إلى الله ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) (٣).
يا بن عباس عامل الله في سره وعلانيته تكن من الفائزين ، ودع من اتّبع هواه وكان أمره فُرطا ، وبحسب معاوية ما عمل وما يعمل به مَن بعده ، وليمدّه ابن العاص في غيّه فكأنّ عمره قد انقضى ، وكيده قد هوى ( وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ) (٤).
وأذّن المؤذّن فقال : الصلاة يا بن عباس لا تفت ، استغفر الله لي ولك وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم.
قال ابن عباس : فغمّني انقطاع الليل وتلهفت على ذهابه » (٥).
وإذا قارنا هذا النص بما مرّ من نص الشقشقية وجدنا وجه الشبه كبيراً وكثيراً كما قلنا آنفاً. فبداية كبداية ونهاية كنهاية ، وما بين البداية والنهاية نفثات أحزان وأشجان متشابهة وحتى أسف ابن عباس في آخر الشقشقية يقابله تلهّف في آخر صنوها.
وإذا رجعنا إلى النصين نتعامل معهما كوثائق تاريخية تستشفّ منهما تحديد البُعد الزماني للحَدَث ، وأنّهما معاً كانا بعد واقعة النهروان. ففي النص
____________
(١) آل عمران / ١٠١.
(٢) العنكبوت / ٤٣.
(٣) المؤمنون / ١١٥.
(٤) الشعراء / ٢٢٧.
(٥) كتاب اليقين في أمرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الباب / ٤٢ ط الحيدرية سنة ١٣٦٩ هـ.