الأوّل نجد قوله (عليه السلام) : (ومرقت أخرى) والمارقة هم الخوارج الذين قتلهم بالنهروان.
وفي النص الثاني قرأنا في مقدمته قول ابن عباس « وذلك لمّا أمر أصحابه بالانتظار له بالنخيلة ، فدخلوا الكوفة وتركوه فغلظ ذلك عليه » وهذا إنّما كان بعد رجوعهم من النهروان وأرادهم (عليه السلام) على الخروج إلى أهل الشام إلاّ أنّ الأشعث الغادر الفاجر أبى عليه ذلك.
كما انّا عرفنا لولا حضور ابن عباس في كلا الموقفين وروايته لهما ، لضاعت تلك النفثات الحارة الساعرة تحت وطأة الجليد الأموي الّذي جمّد الأفكار وكمّ الأفواه.
ومن خلالهما أيضاً أدركنا عمق الصلة بين الإمام ومأمومه ، وأنّ لابن عباس مكانة عند الإمام سمت به إلى أوج الثقة فصار يبثّه شجونه وشؤونه. كما عرفنا صدق الموالاة والمواساة من ابن عباس المأموم لإمامه المهضوم المظلوم.
وثمة موقف آخر وليس أخيراً لابن عباس حضر فيه إلى الكوفة ، ربّما أتحد مع أحد الموقفين السابقين زماناً ، وربّما غايرهما.
ومهما كان زمانه ، فإنّ أهميته البالغة خير شاهد على تبديد الضبابية الحالكة الّتي أحاطت بابن عباس من أجل تهمة خيانة بيت مال البصرة. ولما كنت قد جعلت الحلقة الرابعة من الموسوعة لبحث جميع ما وقفت عليه من شوائب ونوائب لحقت به وسميتها (ابن عباس في الميزان) فلا أفيض هنا بالحديث عنها ، ولكني أذكر إجمالاً بعض النصوص لاقتضاء المقام ذكرها :