وذكر الشيخ المفيد في كتاب الجمل : « انّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كتب بعد فتح البصرة إلى أهل الكوفة يخبرهم بالفتح ، وجاء في آخر الكتاب : واخترت لهم عاملاً واستعملته عليهم وهو عبد الله بن عباس وإنّي سائر إلى الكوفة إن شاء الله تعالى. وكتب عبيد الله بن أبي رافع في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين » (١).
ويعنينا في المقام تاريخ الكتاب ، فقد تبيّن أنّ استعمال الإمام على أهل البصرة عامله ابن عباس كان في جمادى الأولى. وإذا عرفنا أنّ مغادرة الإمام للبصرة كانت في شهر رجب بعد إقامة خمسين ليلة ، بعد الحرب تبيّن أنّ معايشة العامل الجديد لإمامه وخليفته استدامت قرابة شهرين. وهي فترة كافية للإفادة والاستفادة ، فمباشرة من العامل في عمله وما أنيط به ، ورقابة من الإمام على أعمال وإليه ومن يمتّ إليه وقد كانت في تلك الفترة قضايا شهدها ابن عباس وذكروا له فيها ذاتية نشير إلى بعضها :
ففي تلك الفترة الّتي قضاها الإمام في البصرة وضع أساس علم النحو.
فقد روى أبو القاسم الزجاجي في أماليه بسنده عن أبي الاسود الدؤلي قال : « دخلت على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) فرأيته مطرقاً مفكّراً ، فقلت : فيم تفكّر يا أمير المؤمنين؟
قال : إني سمعت ببلدكم هذا لحناً ، فأردت أن أضع كتاباً في أصول العربية.
فقلت : إن فعلت هذا أحييتَنا وبقيت فينا هذه اللغة.
____________
(١) كتاب الجمل / ١٩٥ و ١٩٧.