بسم الله الرحمن الرحيم : الكلام. كلّه اسم وفعل وحرف ، فالاسم ما أنبأ عن المسمّى ، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمّى ، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل.
ثمّ قال : تتّبعه وزد فيه ما وقع لك ، واعلم يا أبا الأسود : أنّ الأشياء ثلاثة : ظاهر ومضمر ، وشيء ليس بظاهر ولا مضمر ، وإنّما يتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر.
قال أبو الأسود : فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه فكان من ذلك حروف النصب فذكرت منها : إنّ وأنّ ، وليت ولعل وكأنّ ، ولم أذكر لكن ، فقال لي : لم تركتها؟
فقلت : لم أحسبها منها ، فقال : بلى هي منها فزدها فيها » (١).
وهذا ما تكاد المصادر المعنية تجمع عليه ، ويبدو من ابن جني في الخصائص (باب صدق النقلة وثقة الرواة والحملة) في معرض كلامه عن أوليّة النحو ، أنّ لابن عباس في ذلك أيضاً تحقق في المقام فقد قال : « هذا موضع من هذا الأمر لا يعرف صحته إلاّ من تصوّر أحوال السلف فيه تصوّرهم ورآهم من الوفور والجلالة بأعيانهم ، واعتقد في هذا العلم الكريم ما يجب اعتقاده له ، وعلم أنّه لم يوفّق لاختراعه ، وابتداء قوانينه وأوضاعه ، إلاّ البرّ عند الله سبحانه الحظيظ بما نوّه به وأعلى شأنه ، أو لا يعلم أنّ أمير المؤمنين عليّاً ـ (رضي الله عنه) ـ هو البادئ والمنبّه عليه ، والمنشئ والمرشد إليه.
____________
(١) أنظر الأشباه والنظائر للسيوطي ١ / ٧ ط حيدر اباد.