ولابدّ أن يكون أولاد من قتل من أصحاب عليّ صلوات الله عليه بالجمل وبصفين من أهل الفيء ومال المصلحة ومن أهل الصدقة والسهام ... فخاف الحسن (عليه السلام) أنّ كثيراً منهم لا يرى لنفسه أخذ الصدقة من كثير منهم ، ولا أكل صدقةً كثير منهم ، إذا كانت غسالة ذنوبهم ، ولم يكن للحسن (عليه السلام) في مال الصدقة سهم ... فخص الحسن (عليه السلام) ما لعله كان عنده أعفّ وأنظف من مال أردشيرخرّه لأنّها حوصرت سبع سنين حتى اتخذ المحاصرون لها في مدة حصارهم إياها مصانع وعمارات ، ثمّ ميّزوها من جملة ما فتحوها بنوع من الحكم ، وبين الاصطخر الأوّل والاصطخر الثاني هنات علمها الربّاني الّذي هو الحسن (عليه السلام) فاختار لهم أنظف ما عرف » (١).
وإذ عرفنا الوجه في خصوص ذلك المال ، وأنّه من أعف وأنظف وجوه الأموال الأخرى ، لذلك استثناه الإمام الحسن (عليه السلام) من بين بقية الأموال ، عرفنا أيضاً وجه إصرار ابن عباس على حمله لأنّه وكيل الإمام وواليه ، ولم تسقط ولايته إلاّ بعد الصلح والتسليم ، والمال قد كانت جبايته في ولايته وسلطته الشرعية من قبل الإمام الحقّ العادل ـ سواء كان في أيام الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أو في أيام ابنه الإمام الحسن ، ولمّا كان قد أعطى كلّ ذي حقّ حقه ، وبقيت تلك البقية الّتي كان سابقاً يرسلها إلى الإمام في الكوفة كما في عهد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) فاليوم وبعد أن تمت الموادعة ، فليس من المنطق المعقول ولا الشرع المقبول ، أن يترك ذلك المال لمعاوية وأشياعه ، يعيثون فيه فساداً.
____________
(١) أنظر علل الشرائع ١ / ٢٧٨ ط مكتبة الشريف الرضي بقم.