لم يرد في أمهات المصادر التاريخية ذكر استخلافه أحداً بعينه ، وطبيعة الموقف قد يقضي بذلك أيضاً ، غير أنّ بعض المؤرخين كما حكى عنه السيّد المدني الشيرازي في الدرجات الرفيعة ـ ولم يسمه ـ قال : « انّه استخلف عبد الله بن الحرث بن نوفل ، ثمّ قال السيّد : وهذا هو الصحيح » (١).
أقول : ولا يبعد صحة ذلك القول عند من يعرف حسب ونسب عبد الله بن الحرث بن نوفل عند الهاشميين أوّلاً. وشخصيته في الأمويين ثانياً ، ومقامه عند البصريين ثالثاً.
فأمّا حسبه ونسبه عند الهاشميين فهو منهم ومعهم ، قال السيّد المدني : « وكان عبد الله المذكور مع أمير المؤمنين (عليه السلام) وشهد معه مشاهده كلّها ، ولمّا أراد الحسن (عليه السلام) صلح معاوية وجّه به رسولاً إلى معاوية » (٢).
وأمّا شخصيته في بني أمية فهو ابن أخت معاوية فأمه هند بنت أبي سفيان ابن حرب ، وهي الّتي لقّبته (ببّة) فكانت ترقّصه وتقول : لأنكحنّ ببّة. جاريةً خدّبه ، مكرمة محبّة ، تجبّ أهل الكعبة.
وأمّا مقامه عند البصريين فكانوا يرون فيه الرجل المناسب في الظرف المناسب ، لأنّه واسطة العقد المنافي المنفرط الّذي جمع ولادة الهاشميين من الأب ، والأمويين من الأم ، لذلك فقد اتفقوا عليه بعد موت يزيد وهرب ابن زياد من البصرة فولّوه أمورهم (٣).
____________
(١) الدرجات الرفيعة مخطوط بمكتبة الشيخ السماوي ، قارن / ١١٩ ط الحيدرية.
(٢) الدرجات الرفيعة / ١٨٨.
(٣) راجع ترجمته في طبقات ابن سعد ٧ ق١ / ٧١ ـ ٧٢ ، وسير أعلام النبلاء ٥ / ٤٣ ط دار الفكر بيروت ، وتهذيب الكمال للمزي ١٠ / ٧٤ برقم ٣١٩٩.