فليأتوا بآخر من الناس مثل ابن عباس رضي الله عنه.
إنّه الفذّ المبرّز في عصره بكماله ، والمعتزّ أيّما عزّة في إنتمائه إلى آله ، أليس هو القائل كما في ( أسد الغابة ) ، وهي كمقولة إمامه عليه السلام : ( نحن أهل البيت ، شجرة النبوة ، ومختلف الملائكة ، وأهل بيت الرسالة ، وأهل بيت الرحمة ، ومعدن العلم ) (١). وروى السيوطي في ( الدر المنثور ) في تفسير قوله تعالى : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ )(٢) ، فقال : ( أخرج ابن المنذر والطبراني من طريق عطاء ، عن ابن عباس في الآية ، قال : نحن الناس دون الناس ) (٣).
ولئن كان صادقاً في هذا الإنتماء ، فلقد زاده فزانه بصدق الولاء ، فهو كان أيضاً كذلك فذّاً في مواقفه الجهادية في سبيل العقيدة ، فهو حين يقول في تفسير قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )(٤) : ( جهاد الكفار بالسيف ، وجهاد المنافقين باللسان والوعظ والتخويف ) (٥). لم يتخلف عن مقولته في جهاده مع المنافقين.
وعلى هذا المبدأ كانت مواقفه مع الأعداء من المنافقين الذين يبغضون
____________________
(١) أسد الغابة ٣ / ١٩٣.
(٢) النساء / ٥٤.
(٣) الدر المنثور ٢ / ٥٦٦.
(٤) النساء / ٥٤.
(٥) التبيان للطوسي ٥ / ٢٥٩ ، فقه القرآن للقطب الراوندي ١ / ٣٤٢ ، الكشاف للزمخشري ٢ / ٢٩٠ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ / ٥٤٤.