الرحمن لنفسه بالوثيقة ، فتكلمت بثلاث لغات في لغة واحدة ... ) (١). وما كانت الخدعة التي أرادها ابن عباس إلاّ التي ذكرتها فاطمة بنت قيس والتي كان إجتماع أصحاب الشورى في بيتها (٢) ، فتلك هي المناورة من عبد الرحمن بن عوف في صرف الأمر عن أهل البيت عليهم السلام ، فإنّ في طلبه من الإمام أن يتعهّد بأن يسير بسيرة الخليفتين ـ أبي بكر وعمر ـ وهو يعلم أنّ عليّاً لا يرضى أن يتقيّد بسياستهما ، إنّما أراد أن يحرجه بل ويخرجه ليفسح المجال لاختيار عثمان ، وسرعان ما تحقق غرضه (٣).
وقد مرّت أقوال وآراء قدامى ومحدثين حول بيعة عثمان ، فكان من أبرع كتاب العصر في صراحته وصرامته هو الدكتور علي سامي النشار في كتابه ( نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ) حيث قال : ( وقد أحس قلّة من خلص الصحابة أنّ الأمر نزع من علي للمرّة الثالثة ، وأنّه إذا كان الأمر قد سُلب منه أوّلاً لكي يُعطى للصاحب الأوّل ، ثم أخذ منه ثانياً لكي يعطى للصاحب الثاني ، فقد أخذ منه ثالثاً لكي يُعطي لشيخ متهاو متهالك ، لا يحسن الأمر ولا يقيم العدل ، ترك الأمر لبقايا قريش الضالة ... ) (٤).
ومن خلّص الصحابة ما رواه التاريخ من كلام عمار والمقداد وابن
____________________
(١) أنظر الحلقة الأولى من هذه الموسوعة ٢ / ١٤٨ ، نقلاً عن مختصر كتاب الموافقة بين أهل البيت والصحابة للزمخشري ، المصنف ٥ / ٤٠٧.
(٢) أنظر الحلقة الأولى من هذه الموسوعة ٢ / ١٤٨.
(٣) أنظر الحلقة الأولى من هذه الموسوعة ٢ / ١٣٢ ـ ١٣٣.
(٤) نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام١ / ٢٥٣ ط الرابعة دار المعارف بمصر ١٩٦٦.