إذا صدقت تلكم الأحلام.
ولكي يستبين زيف ذلك الزعم ، فلنقرأ في ذلك ما رواه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند :
( قال عبد الله بن أحمد : حدثنا محمّد بن سليمان لوين ، حدثنا محمّد ابن جابر ، عن سماك ، عن حنش ، عن عليّ ، قال : لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، دعا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر ، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ، ثمّ دعاني النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال لي : ( أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى مكة فاقرأه عليهم ) ، فلحقته بالجحفة ، فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : يا رسول الله نزل فيَّ شيء؟ قال : لا. ولكن جبريل جاءني فقال : لن يؤدي عنك إلاّ أنت أو رجل منك ) (١).
ونعود إلى أوّل السؤال ، لو سلّمنا جدلاً أن أباها تولى كان ذلك في السنة التاسعة ، فمن هم أولئك الذين تولوا المهمة في باقي السنوات؟ ولماذا لم تذكرهم؟ وهي لا تخلو إمّا أن تكون تعلمهم وكتمت أسماءهم لحاجة في نفسها ـ كما فعلت ذلك في حديث آخر وذلك في مرض النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت خروجه يتوكأ على رجلين الفضل بن العباس ورجل ، فسأل السامع ابن عباس فأخبره أنّه عليّ ، ولكن عائشة لا تطيب لها نفس أن تذكره ـ وهذا لا يليق بها!
وإمّا أن تكون لا تعلمهم وهو بعيد غايته ، كيف وابن عباس كان يعلم
____________________
(١) زيادات المسند ١ / ٣٢٢ برقم ١٢٩٦.