عمرو لمعاوية وبني أمية ، ولا على تناوله بني هاشم ، وإنّما ورد فقط الردّ على مشاهد عمرو يوم صفين ويوم أبي موسى ، فيا ترى من الذي ضاق ذرعاً فلم يذكر ما قاله عمرو في معاوية وبني أمية وما تناول به بني هاشم؟ وماذا كان رد ابن عباس عليه في ذلك؟ إنّها غمغمة الرواة ، وإزمة التاريخ.
ومهما يكن نص ذلك المحذوف ، فهو لا يخرج في معناه عما بقي ، وفيه الدلالة على سفاهة عمرو إذ باع دينه من معاوية بمصر ، ومع ذلك لم تكن الصفقة رابحة لكلّ منها ، إذ كان معاوية يكيد عمروا ، وهو يكيد معاوية ، وما أكثر الشواهد على ذلك ، وحديث الوهط (١) ، وحده يكفي شاهداً.
فقد ذكر البكري في ( معجم ما استعجم ) : ( حدّث سفيان بن عمرو ابن دينار ، عن مولى لعمرو بن العاص : أنّ عمرواً أدخل في تعريش الوهط ألف ألف عود قام كلّ عود بدرهم ، فقال معاوية لعمرو : من يأخذ مال مصرين يجعله في وهطين ويُصلى سعير نارين ) (٢).
وقد روى البلاذري في ( أنساب الأشراف ) بإسناده عن ميمون بن مهران : ( أنّ معاوية قال لعمرو بن العاص : أحبّ أن تصفح لي عن الوهط ضيعتك.
فقال : يا أمير المؤمنين أحبّ أن تعرض لي عنها.
____________________
(١) الوهط : الموضع المطمئن المستوى من الأرض ، وبه سمي الوهط مال كان لعمرو بن العاص كذا في لسان العرب.
(٢) معجم ما استعجم ٤ / ١٣٨٤.