قال : لا ، فأبى عمرو أن يفعل.
فقال معاوية : مثلك يا عمرو كمثل ثور في روضة ، إن تُرك رتع ، وإن هيج نطح.
فقال عمرو : ومثلك يا أمير المؤمنين مثل بعير في روضة يصيب من أخلاط الشجر فيها ، فرأى شجرة على صخرة زلاّء فرغب عمّا هو فيه ، وتعاطى الشجرة فتكسّر ) (١).
وروي البلاذري أيضاً : ( قال الهيثم بن عدي : أراد معاوية أن يأخذ أرضاً لعمرو بن العاص ، فكتب إليه عمرو بشعر ( هجى به ) خفاف بن ندبة :
أبا خراشة إمّا كنت ذا نفر |
|
فإن قومي لم تأكلهم الضبعُ |
وكلّ قومك يخشى منك بائقة |
|
فأنفر قليلاً وأبصرها بمن تقعُ |
فالسلم تأخذ منها ما رضيتَ به |
|
والحرب يكفيك من أنفاسها الجُرَعُ (٢) |
وهكذا هي صحبة أهل الدنيا فيما بينهم : يتصاحبون على غير تقيً ويكيد بعضهم بعضاً.
فكذلك كان صحبة عمرو بن العاص مع معاوية ، فهو قد باع دينه بولاية مصر ، فخسرت صفقة البايع حيث بدت بوادر الخلاف بينهما ، فكان يكيد أحدهما الآخر ، فكانت عاقبة عمرو بن العاص عند معاوية سيئة ، رغم أنّه خالف الله ورسوله في طاعته ، وحالف الشيطان في نصرته.
____________________
(١) أنساب الأشراف ١ / ق٤ / ٦٨. تح إحسان عباس.
(٢) نفس المصدر ١ / ق٤ / ٧٠ برقم ٢٤٠.