ومما يؤيد ما قلناه قوله إذا سافر وخرج في سفر قصر في فرسخ فإنه يفهم منه قصد مسافة في الجملة إذ لا يطلق السفر شرعا على قصد فرسخ وقطعه بل لا يكاد يطلق عليه عرفا أيضا وخصوصا مع تأكيد معنى الجملة الشرطية بالمعطوفة عليها ومع ملاحظة التنوين الذي لا يناسب هنا جعله للتحقير بل المناسب جعله للتعظيم.
وبالجملة فما قلناه قرينة على قصد مسافة مضافا الى الأحاديث الكثيرة في تحديد المسافة وعدم جواز القصر فيما نقص عنها فيتعين ذلك جمعا ويكون السؤال في السنة الثانية عن التقصير في كم هو أى بعد قصد المسافة والشروع في قطعها في كم يوم يجب التقصير وهل يشترط قطعها في يوم أو يومين أو ثلاثة فأجاب بأنه لو قطعها في عشرة أيام لوجب عليه التقصير لأنه لا يشترط قطعها في يوم واحد بالإجماع ولا له حد معين بالأيام في غير هذا الحديث.
ولا يرد انه لا فرق بين العشرة وما فوقها وما دونها لان ما زاد عليها ربما يصل الى حد يخرج به عن صدق السفر عليه عرفا على ان دلالة المفهوم تكون هنا غير معتبرة ولا قصور فيه أو يحمل ذلك على المبالغة فإن الغالب في العادات عدم الانتهاء في الإبطاء الى هذا الحد في السفر فضلا عن الزيادة عليه مع كون المسافة ثمانية فراسخ أو أربعة ذهابا ومثلها عودا ولا قصور في اتحاد السؤال واختلاف الجواب فإنهم عليهمالسلام اعرف بمراد السائل.
ومن المستبعد أن يسأل في سنة ثم يعود الى ذلك السؤال بعينه في سنة أخرى من غير تغيير في المراد مع أنه كثر من السائلين لهم (ع) ارادة خلاف الظاهر من السؤال على وجه الامتحان وطلب المعجز والبرهان.
وهذا هو السر في حصول الإجمال في كثير من الأحاديث وان كان له أسباب أخر وهنا وجه آخر وهو أن يكون السؤال في أول الحديث عمن قصد مسافة وشرع في السفر ثم حصل له التردد في السفر والرجوع ففي كم فرسخ