أقول : فيه إشكالان.
أحدهما : قوله : وما بال الصوم صار آخر ذلك أجمع إلخ فإن التعليل والاستشهاد بالحديث لا يفهم منه وجه كون الصوم متأخرا عن الأربعة في الفضيلة فلا يكون الجواب مطابقا للسؤال.
وثانيهما : وجه الفرق بين الأربعة والصوم بحيث يلزم تفضيلها عليه فإنه غير ظاهر مما ذكره بل ربما ظهر منه التساوي لتصريحه بوجوب القضاء في الصوم وأيضا لا يخلو ظاهره من تناقض لتضمنه إثبات القضاء ونفيه.
والجواب من الأول ان سؤال زرارة يحتمل معنيين.
أحدهما : أن يكون مراده ما وجه كون الصوم متأخرا في الفضل عن الأربعة فكانت هي بل كل واحد منها أفضل منه فأجاب بالاستدلال بالحديث وأشار بأن هذا النعت للصوم والمدح له قليل بالنسبة إلى مدح الأربعة مما تقدم ذكره وغيره خصوصا مع ملاحظة كون الجنة منكرة ومذكورة بلفظ الإفراد واللام في الصوم للجنس أو الاستغراق والتنوين يحتمل كونه للتحقير.
وأين هذا من كون الولاية مفتاحهن والدليل عليهن وكون الصلاة عماد الدين فيلزم خرابه وفساده بتركها ومن اقتران الزكاة بها وورد ما ورد في ثوابها وكون الآية دالة على كفر تارك الحج فكل واحد من هذه الأشياء أعظم تأكيدا من الحديث المذكور.
وثانيها : أن يكون سؤاله عن وجه كون الصوم ملحقا بهذه الأربعة معدودا معها مع انه أمر سهل وتكليف خفيف بالنسبة إلى الأربعة وغيرها فإنه مجرد ترك اكلة واحدة بالنهار واستيفائها بالليل والزيادة عنها فكيف صار من جملة ما بنى عليه الإسلام مع انه بحسب الظاهر لا نسبة له إلى الأربعة.
فإن الصلاة تكليف شاق واشتغال للظاهر والباطن مع تكررها كل يوم مرارا متعددة واشتمالها على أحكام كثيرة تزيد على أربعة آلاف وكون الزكاة مشتملة