والجواب عن الإشكال الثاني ان حاصل معناه إذا كانت الأشياء على قسمين قسم إذا تركه المكلف به لم تقبل تويته من تركه الا أن يأتي به ويقضيه بعينه ، وقسم لا يلزم قضاء ، ومتعين كون الأول أفضل والأربعة من القسم الأول ، والصوم من الثاني فثبت المطلوب وما ذكره عليهالسلام في تطبيق التقسيم على الخمسة يحتمل وجوها.
أحدها : أن يكون المراد ان الأربعة أفعال مخصوصة إما لسانية أو أركانية أو جنانية وان كان فيها تروك أيضا ولها شروط منها النية والوقت وغيرهما فاذا فاتت خرج وقتها وجب الإتيان بها بعينها خارج الوقت وهو معنى القضاء.
واما الصوم فهو ترك الأفضل بناء على مذهب من قال به وهو الظاهر فإذا أخل به ثم ادى مثله في وقت آخر لم يكن قضاء حقيقيا حيث ان الركن الأعظم فيه الوقت الا ترى انه لم يزل مقيدا به ولا يتصور انفكاكه عنه بخلاف الأربعة فإن الصلاة كانت واجبة أولا غير موقته ، وهي موسعة أيضا وكذا الزكاة يمكن تقديمها أو تأخيرها على الوجه الشرعي ونحوهما فظهر ان الركن الأعظم في الصوم الوقت فيكون إطلاق القضاء فيه مجازا وفيه ما لا يخفى.
وثانيها : أن يكون المراد ان الصوم في الحقيقة هو احترام أيام هذا الشهر بترك المفطرات فاذا فات واحترم أياما غيرها لم يكن قضاء حقيقة بل هو عوض عما أخل به أو كفارة وعقوبة ولم يلزم وقوع ذلك في شهر رمضان آخر ليحصل تلافى احترامه بخلاف الأربعة فإن معنى القضاء منها حاصل وهذا قريب من الأول ويفهم كل واحد منهما من قوله أياما غيرها.
وثالثها : ان يكون المراد بالقضاء الأداء كقوله تعالى ( فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ ) ـ ( فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ ) ويكون المراد بالأداء معناه الحقيقي أعني الفعل في الوقت وبالفوات التأخر عن أول الوقت لا عن جميعه وعليه فالمعنى ان الأربعة إذا تأخرت عن أول أوقاتها الشرعية وجب المبادرة بفعلها والإتيان بها فلا تسقط عن أحد تمكن من فعلها بخلاف الصوم فإنه يسقط في مواضع متعددة مع إمكان فعله كالمريض