لا يمنع من ذلك كما لا يمنع حركة الفلك وما جرى مجراه من الحوادث فيجب استصحاب الحال ما لم يمنع مانع وأجاب بأنه لا بد من اعتبار الدليل على ثبوت الحكم في الحالة الاولى وكيفية إثباته وهل يثبت ذلك في حالة واحدة أو على سبيل الاستمرار وهل تعلق بشرط مراعى أو لم يعلق.
قال : وقد علمنا ان الحكم الثالث في الحالة الأولى انما تثبت بشرط فقد الماء والماء في الحالة الثانية موجود واتفقت الأمة على ثبوته في الاولى واختلفت في الثانية؟ فالحالتان مختلفان وقد ثبت في العقول ان من شاهد زيدا في الدار ثم غاب عنه لا يحسن بأن يعتقد استمرار كونه في الدار الا بدليل متجدد وحال كونه في الدار في الثاني وقد زالت الرؤية بمنزلة كون عمرو فيها مع فقد الرؤية.
فاما القضا بان حركة الفلك وما جرى مجراها لا يمنع من استمرار الحكم فذلك معلوم بالأدلة وعلى من ادعى ان رؤية الماء لم تغير الحكم الدلالة.
ثم قال : فبمثل ذلك نجيب من قال فيجب ان لا يقطع بخبر من أخبرنا عن مكة وما جرى مجراها من البلدان على استمرار وجودها وذلك لأنه لا بد للقطع على الاستمرار أما عادة أو ما يقوم مقامها ولو كان البلد الذي أخبرنا عنه على ساحل البحر لجوزنا زواله لغلبة البحر الا ان يمنع من ذلك خبر متواتر فالدليل على ذلك كله لا بد منه انتهى ما نقله صاحب المعالم عن السيد المرتضى (١).
ولا يخفى ان ما تضمنه ذلك السؤال استدلال من السائل بالقياس مع الفارق وهو باطل بدون فارق هذا ما اقتضاه الحال مع تشتت البال وضيق المجال ولو لا خوف الملال لطال المقال وزاد الاستدلال وفيما أوردناه كفاية لأرباب الكمال الذين يعرفون الرجال بالحق لا الحق بالرجال (٢).
__________________
(١) راجع أواخر المعالم.
(٢) وجدنا نسخة في إثبات البراءة الأصلية والاستصحاب في الرد على ما قاله المؤلف ره في مكتبة صديقنا العلامة اللاجوردي بخط مؤلفه ره.