أقول : لا يليق من أمثالنا معارضة هذين الفاضلين المدققين ومناقشتهما في شيء ولكن عذرنا في ذلك يظهر من وجوه.
الأول : أنهما وسائر المحققين لا يجوزون التقليد في مثل ذلك بل يوجبون الرجوع الى الأدلة ، وذم التقليد في الكتاب والسنة كثير جدا.
الثاني : انه غير معلوم منهما اعتقاد ظاهر هذا الكلام بل الظاهر انهما ناقلان عن غيرهما أما الشيخ بهاء الدين فظاهر ، وأما المحقق الطوسي فإن كلامه في مواضع من مؤلفاته يخالف ظاهر هذا الكلام فظهر انه غير معتقد لما يفهم من ظاهر ألفاظه وانه ناقل له عن غيره أو يريد المبالغة واستعمال هذه الألفاظ في المجاز دون الحقيقة ويأتي له مزيد بيان.
الثالث : انه يجب نصيحة المؤمنين وبيان الحق ودفع الشبهات عن الدين وهذا الكلام بعيد من اعتقاد الإمامية مخالف لما يفهم من تصريحات الأئمة عليهمالسلام بل هو مما اختص اعتقاده بعض الصوفية من العامة وجميع ما اختصوا به مشتمل على إفراط وتفريط أو عليهما وهذا التقسيم مشتمل عليهما كما يأتي فوجب علينا تنبيه الغافل من ذلك. إذا تقرر ذلك فنقول : اما الصورتان المتوسطتان فموجودتان بغير شك وأما الاولى والأخيرة فلا وجود لهما ومدعى وجودهما يحتاج الى الدليل وما ذكر من التمثيل والقياس لا يفيد شيئا لما يأتي والبحث هنا في مقامين.
الأول : استحالة الاولى من المراتب الأربع وبيانها ان كل بالغ عاقل قد ظهر له من آثار قدرة الله ما يدل على وجود مؤثر والذي ظهر من تلك الآثار العظيمة الكثيرة أوضح من الدخان الذي يدل على وجود النار أو ليس كل عاقل عالما بوجود نفسه جازما بأنه لم يخلق نفسه ولا خلق العالم وبان له خالقا موحدا وهذا أوضح الضروريات.
وقد صرح جماعة من المحققين ان كل عاقل قابل بإثبات خالق مؤثر في العالم وانما الخلاف بين العقلاء في المعرفة التفصيلية اعنى الصفات واما الإجمالية