فلا خلاف فيها كيف وقد تضمن القرآن اعتراف الكفار حيث قال ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ) وقال ( وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ) وقال حاكيا عن عباد الأصنام ( ما نَعْبُدُهُمْ إِلّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى ) الى غير ذلك من الآيات والروايات.
بل صرح كثير من المحققين بان تلك المعرفة الإجمالية بديهية موهبة غير محتاجة إلى كسب ونظر ، بل هي حاصلة في أول وقت التمييز قبل وقت البلوغ بمدة طويلة وبعضهم ذهب الى أنها كسبية لكن إكمال ظهورها وكثرة أدلتها ووفور آثار القدرة الإلهية يظن أنها بديهية وهي تحصل في أول أوقات التمييز غالبا وبعد البلوغ بغير فصل بل قبله بيسير قطعا.
وانما يتصور وجود المقلد في تلك التفاصيل والصفات التي اختلف فيها العقلاء وليس بينهم خلاف في موجود مؤثر في الجملة وظهور اثر هذا المؤثر الذي هو أقوى من دخان النار لكل أحد بديهي ولا يمكن حمل التقسيم على معرفة الصفات بل هو في معرفة وجود الذات قطعا كما يظهر من اوله وآخره ومن التمثيل بالنار فإنه دال على ان المراد ما قلناه وشواهد الكتاب والسنة على ما ذكرناه كثير جدا صريحة فيما قلناه وفي ان المعرفة الإجمالية ليست بكسبية.
وللسيد رضي الدين على ابن طاوس (ره) هنا كلام جيد لا بأس بنقله قال في كتاب كشف المحجة لثمرة المهجة في وصيته لولده : لأجل شهادة العقول الصريحة بالتصديق بالصانع أطبقوا جميعا على فاطر وخالق وانما اختلفوا في ماهيته وحقيقة ذاته وفي صفاته الى ان قال في الاستدلال : انك تجد ابن آدم إذا كان له نحو من سبع سنين لو كان جالسا مع جماعة فالتفت الى ورائه فجعل أحدهم بين يديه مأكولا أو غيره فإنه إذا رآه سبق الى تصويره ان ذلك المأكول وغيره ما حضر بذاته وانما أحضره غيره ويعلم ذلك على غاية عظيمة من التحقيق.
ثم إذا التفت مرة أخرى إلى ورائه فأخذ بعض الحاضرين ذلك من بين