يديه فاذا التفت اليه ولم يره فلا يشك أنه أخذه أحد سواه ولو حلف له كل من حضره فإنه حضر ذلك الطعام بذاته وذهب بذاته كذب الحالف ورد عليه الى ان قال وهو يجد في القرآن الشريف ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها ) ويقول الله جل جلاله ( قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ ).
ثم استدل بحكم الشرع بارتداد من بلغ ولم يقر بالشهادتين والحكم بكفره وقتله واستباحة دمه فلو كانت المعرفة نظرية لامهلوه مدة طويلة من السنين ليعرف الاستدلال ويتعلم الكلام واستدل بأدلة متعددة الى ان قال :
ومما يدل على ذلك انك تجد الفارقين لا يعرفون وقت معرفتهم به جل جلاله ولا يوم ذلك ولا ليلته ولا شهره ولا سنته ولو كان بمجرد كسبهم ونظرهم قد عرفوه لكان وقت ذلك أو ما قاربه قد فهموه لأنك تجد العقل شاهدا ان من عرف سلطانا عظيما بعد ان كان جاهلا بمعرفته فإنه يعرف وقت المعرفة بذلك السلطان أو ما يقارب ذلك الزمان انتهى (١).
وقد صرح بمثل ذلك جماعة من المحققين والنصوص المتواترة دالة على ما ذكرناه ولو لا خوف الإطالة لذكرنا بعضها وقد ذكرنا جملة منها في كتاب النصوص والمعجزات.
الثاني : استحالة المرتبة الرابعة من مراتب معرفة الله المذكورة وهو أوضح من استحالة الأولى لما قد تقرر ان معرفة كنه ذاته تعالى محال وكذا معرفة كنه صفاته حيث انها عين ذاته وقد صرح الفاضلان وغيرهما بذلك ونقلوا عن اعرف العارفين وأشرف الأولين والآخرين انه قال : سبحانك ما عرفناك حق معرفتك. ولو وجدت هذه المرتبة الرابعة لكانت حق المعرفة وهي ممتنعة وما هنا من التمثيل والتشبيه قياس ضعيف مع الفارق فإن أرادوا بهذه
__________________
(١) كشف المحجة ص ١٠ ـ ١١ في الفصل السابع عشر ط النجف