الألفاظ في المشبه به الحقيقة وفي المشبه المجاز فسد التشبيه ورجعت المرتبة الرابعة إلى الثالثة.
وان أرادوا حقيقة الاحتراق ونحوه من هذه الألفاظ في المقامين كما هو مقتضى التشبيه فلا معنى له بل الضرورة قاضية ببطلانه واستحالة كون العارف بالله موجودا معدوما متلاشيا متماسكا باقيا محترقا ظاهرة وتتبع طريقة الأنبياء والأئمة عليهمالسلام دال على استحالته وامتناعه وعدم وصولهم الى ذلك حقيقة وعدم دعواهم ذلك بل عدم خروجهم عن لوازم البشرية من الأمور الواضحة.
ولا يخفى على منصف ان هذه المرتبة إذا جعلنا هذه الألفاظ مستعملة في معانيها الحقيقية الموضوعة لها أمر لا يمكن تصوره وإذا لم يمكن تصوره كيف يمكن التصديق به أليس ذلك تكليفا بالمحال أو ليس التكليف بالتصديق قبل التصور مع إمكانه فضلا عن استحالته تكليفا بما لا يطاق ، ودعوى ان فهم ذلك وتصوره والتصديق به مخصوص بزيد دون عمرو يحتاج الى دليل والعقل والنقل دالان على اشتراك المكلفين في التكاليف خصوصا الاعتقادات الا ما دل دليل واضح على استثنائه وكيف عجز الفضلاء المدققون والعلماء المحققون الذين فهموا جميع مطالب الأصول والفروع والتكاليف الشرعية والمطالب العقلية عن فهم المعنى المذكور على وجه الحقيقة وكيف أجمعوا على استحالته.
بل نقلوا في امتناعه أخبارا كثيرة متواترة عن النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة (ع) صريحة في ان الله لا يعرف كنه ذاته ولا كنه صفاته ولا يوصف الا بما وصف نفسه وان غاية ما تصل اليه العقول وينتهى اليه الأوهام الاستدلال بآثار قدرته على وجوده وكماله وعدم مشابهته لمخلوقاته الى غير ذلك مما هو أوضح دلالة مما ذكرنا.
وليت شعري أي عارف من الأنبياء أو غيرهم احترق بنار المعرفة حتى لم يبق منه أثر وكان مع ذلك موجودا مكلفا بل ذاك محال لا وجود له وهذا ظاهر