ذلك أيضا وترجيح الأموات في الغالب غير ممكن.
ثم ان الميت إذا كان له قولان فصاعدا تعين عند من يقول بجواز التقليد العمل بالأخير وهذا لا يمكن الاطلاع عليه غالبا وكثير من أفاضل علمائنا المحققين لم يصنفوا شيئا وكثير من المصنفين اندرست مصنفاتهم فلا توجد الان وأنا انقل جملة من عباراتهم الدالة على ما نسبناه إليهم ليظهر لك انهم لا يرضون بان يقلدهم أحد بعد موتهم.
قال الشيخ حسن بن شهيد الثاني في أواخر أصول المعالم لا تعرف خلافا في عدم اشتراط مشافهة المفتي بل يجوز بالرواية عنه ما دام حيا وهل يجوز العمل بالرواية عن الميت ظاهر الأصحاب الإطباق على عدمه ومن أهل الخلاف من اجازه الى ان قال على ان القول قليل الجدوى على أصولنا لأن المسئلة اجتهادية ففرض العامي فيها الرجوع الى فتوى المجتهد وحينئذ القائل بالجواز ان كان ميتا فالرجوع اليه فيها دور ظاهر وان كان حيا فاتباعه فيها والعمل بفتاوى الموتى في غيرها بعيد من الاعتبار غالبا مخالف لما يظهر من اتفاق علمائنا على المنع من الرجوع الى فتوى الميت مع وجود المجتهد الحي بل قد حكى الإجماع فيه صريحا بعض الأصحاب « انتهى ».
وقال في رسالة له الامتزاجية في استنباط الأحكام الى فتاوى الموتى كما يصنعه بعض الأغبياء والأشقياء هذيان يدرك فساده بأدنى نظر وهوس يرى فساده كل من أبصر وأطال في الاستدلال وأبلغ في المقال الى ان قال فيحتاج في اتباع الظن الحاصل من تقليد الميت الى حجة ودليل قاطع وكيف يتصور ذلك ولا يعرف من علمائنا الماضين قائل بذلك ولا عامل به الى ان قال وكيف يتصور عاقل ان يجعل حجته وطريقه في عمله بقول المجتهد الميت بمجرد قوله ان وجد « انتهى ».
وقال الشهيد الثاني ( الشيخ زين الدين ) في شرح الشرائع في كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وقد صرح الأصحاب في هذا الباب من كتبهم