أقول أكثر الأجوبة السابقة تصلح جوابا هنا بل هذه الشبهة أضعف من كل ما سبق فلا حاجة الى الكلام فيها مع كونها خطابا لآدم وحواء بقرينة أولها وآخرها وكون النكرة المفردة لا عموم فيها في الإثبات أصلا وغاية ما تدل عليه جواز الاستقرار في الأرض وليس في المتاع عموم ولا في حين وانما تدل على وقت نزولها خاصة لما مر في تقدير متعلق الظرف اسما ، وعلى ما قبل وقت نزولها على تقديره فعلا.
قال المعاصر : السادسة ( الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ ) (١).
السابعة ( كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ ) (٢)
أقول : قد نقل المعاصر عن الإمامية والمعتزلة ان الرزق مخصوص بالحلال ورجحه
وحينئذ لا دلالة للآيتين أصلا مع وجود من التبعيضية وكونهما مخصوصين بالأكل والشرب والثمرات ولا دلالة لهما على أكثر من اباحة بعض الثمرات وبعض الحلال مع ورود أكثر ما سبق هنا وبالجملة فلا إشكال في فساد الاستدلال.
قال المعاصر : الثامنة ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ ) (٣) ( وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) و ( كُلُوا مِمّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً ) (٤) ثم أطال الكلام فيها من غير طائل.
أقول : هذه تقدمت بعينها وعرفت جوابها وأولها لا شبهة فيه أصلا.
والعجب ان المعاصر نقل خبرا في سبب نزولها أن عشرة من الصحابة منهم على عليهالسلام اتفقوا على أن يصوموا النهار ويقوم الليل ولا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم ولا يقربوا النساء والطيب فنزلت الآية.
ولا يخفى أنها مع ملاحظة سبب نزولها دالة على إباحة الأشياء المذكورة
__________________
(١) البقرة : ٢٢
(٢) البقرة : ٦٠
(٣) المائدة : ٨٧
(٤) البقرة : ١٦٨