مطلق الصوت الحزين ويكون استعارة تبعية كما مر ويخص بما لا يرجع الترجيع الذي يحصل به الغنا لما عرفت من تحريمه.
الثامن : أن يكون الترجيع استعارة أيضا لكن بمعنى التبيين من حيث ان الترجيع يستلزمه غالبا أو دائما فأطلق على التبيين الحاصل بدونه.
وقد روى عن ابى عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) قال قال أمير المؤمنين عليهالسلام بيّنه تبيينا ولا تهذه هذا الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن اقرعوا به قلوب القاسية (١) ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة فهذا الحديث شاهد لهذا التأويل مع صحته بحسب القواعد العربية والبيان.
التاسع : ان يكون الترجيع أيضا استعارة لكن بمعنى جعل الصوت بحيث يؤثر في القلب من حيث ان الترجيع يستلزم ذلك غالبا كما مر تقريره والحديث السابق شاهد له أيضا ولا ريب انه يجب حمل الترجيع على بعض المعاني المأمور بها ولا يجوز حمله على المعنى المنهي عنه.
العاشر : أن يكون مخصوصا بالترجيع الذي لا يصل الى حد الغنا اعنى ما ليس بمطرب ولا تصدق عليه الغنا ولا ينافي ما ورد في تحريمه وهذا وان كان قريبا لكن جماعة من الفقهاء عرفوا الغناء بأنه الصوت المشتمل على الترجيع وان لم يطرب وذكر بعضهم ان التلازم حاصل بين الترجيع والطرب ولو بنسبة بعض الأشخاص وهو غير بعيد وذكر بعضهم انه راجع الى العرف اى عرف العرب وهو لا يخرج عما تقدم ويمكن الجمع بحمل المطرب في التعريف الأول على انه وصف للتوضيح لا للتخصيص.
وفي القاموس : الغنا ككسا من الصوت ما طرب به وهو يدل على اعتبار الوصف فان لم يكن ملازما فهو كالتعريف الأول والحاصل انه مع اجتماع الترجيع والاطراب يتحقق الغنا بإجماع الفقهاء واللغويين والعرب.
__________________
(١) تفسير البرهان ج ٤ ص ٣٩٧