الحادي عشر : ان يكون المراد بالترجيع في الصوت ترديده من مخرج حرف الى مخرج حرف آخر أي إخراج الحروف من مخارجها كما ينبغي من غير ان يكون النطق بواحد منها مشابها للنطق بآخر فيكون حاصل الترجيع بيان الحروف في النطق بيانا تاما فإنه يستلزم اللطف في رجوع الصوت من كيفيته إلى أخرى ومن مخرج حرف الى آخر وهذا قريب من الثامن وبينهما فرق ما.
الثاني عشر : ان يكون المراد بترجيع الصوت رده باشتغاله بالقرآن عن الشعر والغنا ونحوهما فيكون امرا بالاشتغال به عن غيره والرجوع عن غيره إليه لأن صاحب الصوت الحسن يستعمله غالبا في الغنا فأمره بالرجوع عنه الى قراءة القرآن لا على وجه الغنا فيرجع الى معنى الرجوع مع معنى التكثير (١) وكذا قوله يرجع به ترجيعا ويكون الضمير للقرآن اى ان الله يحب الصوت الحسن الذي يرده صاحبه عن المحرمات فيرجع الى الاشتغال بالعبادات كالقراءة على وجه مباح شرعي. وان نوزع في بعض هذه الوجوه بأنه بعيد فأكثرها قريب سديد ومن نظر في كلام الفصحاء علم ان أكثره مجازات واستعارات وكنايات وقد اجمع البلغاء على ان المجاز أبلغ من الحقيقة بل لا مبالغة في استعمال اللفظ في حقيقته والمبالغة في مثل هذه المقامات مطلوبة خصوصا مع شدة ظهور الحال لو لا تمويهات أهل الضلال.
ولا بأس بذكر نبذة من عبارات الفقهاء وعلماء اللغة في تفسير الغناء ومعلوم ان تفسيرهم حجة فإنها لفظة موضوعة لمعنى ونقلهم لمعناها رواية لا اجتهاد ولا تناقض في نقلهم لتقارب مدلوله وشمول الغنا لما ذكروه.
قال المحقق في الشرائع مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب يفسق فاعله وترد شهادته سواء كان في شعر أو قرآن ولا بأس بالحداء (٢).
__________________
(١) مع معنى حمله التكثير خ ل
(٢) راجع كتاب الشهادات صلىاللهعليهوآله ٣٣ في صفات الشهود