ومنشأ الاختلاف هو الاختلاف في حكم تعارض الفوقيتين فان ظاهر كلام بعضهم عدم اعتبار المعارضة حينئذ بل يحكم بمقتضى علوّ البئر باحد الاعتبارين وان عارضه علوّ البالوعة بالاعتبار الآخر وهو الظاهر من كلام المحقّق الثانى فى شرح القواعد واحتمل بعضهم ترجيح الفوقية الحسيّة ، وقال : إنّ الفوقيّة بحسب الجهة في حكم الفوقيّة الحسيّة ، فتؤثر أثرها إذا لم تعارضها هي وأمّا مع معارضتها فلا حكم لها. ويحتمل ترجيح الفوقيّة بحسب الجهة أيضا كما يظهر من بعضهم ، بل صرّح بتخصيص الفوقيّة بالجهة من دون اعتبار الفوقيّة بالقرار.
ويحتمل أيضا اعتبار الجهة في البئر دون البالوعة بأن يحكم بمعارضة علوّ البئر جهة لعلوّ قرار البالوعة والتساقط بينهما ، ولم يحكم بمعارضة علوّ البالوعة جهة لعلوّ قرار البئر.
فالتقدير بسبع في ستّ وخمس في البواقي بناء على ترجيح الاحتمال الأوّل ، وبسبع في ثمان وخمس في البواقي بناء على ترجيح الثاني وبسبع في سبع وخمس في البواقي بناء على ترجيح أحد الاحتمالات الباقية.
قوله : في جهة الشمال.
لا يخفى أنّ الأكثر حملوا جهة الشمال في كلام القائلين باعتبارها وكذا في الرواية على جهة نقطة الشمال ؛ ولذا حكموا في صور وقوع كلّ من البئر والبالوعة في المشرق والمغرب بما حكموا.
وهذا محلّ تأمّل ؛ لانّ المصرّح به في الرواية هو مهبّ الشمال ، فيدلّ على اعتبار جهة ريح الشمال ، وهي غير الجهة الاولى.
والظاهر أنّ هذا أيضا هو مراد من اعتبرها ، وعلى هذا يتفاوت حكم أكثر الصور المذكورة ، ويتكثّر الأقسام أيضا. وعليك بالتأمّل في استخراج الأقسام ، وبيان حكم كلّ منها.
قوله : مع مهبّ الشمال.
وفي بعض الروايات : « ولا يجري الماء من القبلة إلى دبرها » والمآل واحد. ثمّ إنّه قد يوجّه ذلك : بأنّ جهة الشمال باردة يابسة ، وجهة الجنوب حارّة رطبة لقرب الشمس منها