أحدهما : اعتبار الحيثيّة التي ذكروها في هذا المقام ، ولا دليل عليه ، فإنّ إطلاق الدم أعمّ من ذلك والحكم يترتّب عليه. وثانيهما : استفادة النجاسة بملاقاة نجاسة اخرى زيادة نجاسة على ما كانت عليه ، وهو في حيّز المنع.
قوله : ولا نصّ فيه.
أي : في الإلحاق ، أو في دم نجس العين.
وإنّما خصّ عدم النص بدم نجس العين مع أن الاستحاضة والنفاس أيضا لا نصّ فيهما ، بل النص مختصّ بدم الحيض إمّا لانّ النفاس حيض في المعنى والاستحاضة مشتقّة منه كما قيل ، أو لانّ الإجماع في إلحاقهما بدم الحيض متحقّق فلا يتفاوت فيه وجود النص وعدمه ، وإنّما يؤثّر ذلك فيما لا إجماع فيه وهو دم نجس العين.
وإرجاع الضمير المجرور إلى كلّ من الدماء الثلاثة ودم نجس العين نظرا إلى أنّ النصّ المتضمّن لدم الحيض ضعيف وموقوف على أبي بصير بعيد سيّما مع تعقّبه بقوله : « وقضية الاصل تقتضي دخوله في العموم » ؛ فإنّ الإجماع في الدماء الثلاثة مانع عن ذلك.
قوله : وقضية الأصل إلى آخره.
هذا بيان للدليل على تحقّق العفو في دم نجس العين أيضا ، وعدم إلحاقه بالدماء الثلاثة ، يعني أنّه لا نصّ فيه ، واخبار العفو عمّا دون الدرهم مطلقة كقوله عليهالسلام : « في الدم يكون في الثوب إن كان اقل من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة (١) » ومقتضى أصالة عدم التخصيص أن يكون كلّ فرد من أفراد الدم داخلا في ذلك العموم خرجت الدماء الثلاثة بالنص والإجماع ، فيكون غيرها ممّا لا نصّ فيه كدم نجس العين داخلا في العموم.
وقد يجعل هذا مع قوله : « ولا نصّ فيه » تتمّة للدليل على إلحاقه بالدماء الثلاثة وعدم تحقّق العفو فيه بأن يكون المعنى : أنّه ألحق بعضهم دم نجس العين ، بالدماء الثلاثة لتضاعف النجاسة أي تكرّرها من جهة ملاقاته لبدن نجس العين ولا نصّ فيه على العفو.
واخبار وجوب إزالة النجاسة عن الثوب والبدن عامّة خرج ما دون الدرهم من الدم بالدليل ، ومقتضى الأصل دخول غيره من النجاسات ـ ومنها : النجاسة الحاصلة للدم
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٣٠.