الابتداء في كلّ منها ، أو باعتبار أنّ ما يجب في كلّ منها من التخليل وتحريك ما فيه من الدملج والسوار خارج عن الغسل.
و « اللام » في « الحدود » للعهد. ومعنى الحد : النهاية. والمراد : النهايات المذكورة للوجه في العرض والطول ، وفي اليدين في المبدأ والمنتهى.
والمراد بما اشتملت عليه الحدود : ما كان داخلا في تلك النهايات ، لا خارجا عنها أي : يكون محاطا بها فيصدق على اللحم الزائد النابت على الانف مثلا انه مما اشتملت عليه حدود الوجه لكونه محاطا بها فما يشتمل عليه تلك الحدود هو الثابت داخلها ، وما خرج عنها هو الثابت خارجها ، والثابت في نفس الحدود محتمل للامرين.
وجملة : « وغسل ما اشتملت » إلى آخره مستأنفة ، والواو فيها للاستئناف دون العطف. أي : وغسله واجب ، وحذف الواجب لدلالة المقام عليه.
فلا يرد : أنّها لو كانت معطوفة لعطف بقوله : « غسل اليسرى » فيستفاد منها أنّ غسل ما اشتملت عليه حدود الوجه ـ مثلا ـ مؤخّر عن غسل اليمين.
ويمكن أن يكون معطوفة على مجموع ما تقدّمه كما في قولك : جاء زيد ثمّ عمرو وخالد إذا لم يقصد تأخير خالد عن عمرو ؛ فإنّه يكون معطوفا على زيد ثمّ عمرو ، لا على عمرو.
وقوله : « وإن كان يدا » إشارة إلى رفع توهّم عموم اليد في قوله سبحانه : ( وَأَيْدِيكُمْ* ) (١) ؛ فإنّ منهم من قال بأنّ الأيدي فيها عامّة تشمل كلّ ما يصدق عليه اليد ، فلو كان هناك عشرة أيد يجب غسل الجميع أصالة ، ولا تعيّنت الأصليّة.
فغرض الشارح : أنّه لا عموم في اليد ، بل الواجب هو غسل اليد الواحدة وهي الأصليّة. فلو تعينت الأصليّة بأن يمتاز الزائدة عنها لضعف قوّة أو نقص إصبع أو فقد مرفق وأمثالها يجب غسلها فقط ، وإن لم تتعين فالواجب غسلها أصالة هو الأصليّة فقط. ولكن يجب غسل الزائدة أيضا تبعا من باب المقدّمة ، فإن بعد اشتغال الذمّة اليقيني بوجوب غسل اليد يجب تحصيل البراءة اليقينيّة ، وهي لا تحصل إلّا بغسل اليد الأصليّة ، فيكون تحصيل
__________________
(١) المائدة : ٦.