قيل : لأنّ الدليل الذي استدل به ـ وهو قوله : « جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا » ـ أعمّ من التراب.
ثمّ قيل : المناسب أن يقول بدل « الأولى » الصواب.
قلت : التعبير « بالأولى » ؛ لاحتمال أن يكون رأي المصنّف هنا عدم جواز التيمّم بغير التراب ، وإن تغيّر اجتهاده بعد ذلك.
أقول : لا يخفى ما فيه :
أمّا أوّلا : فلأن الأولوية إن كانت لأجل الدليل ـ كما ذكره ـ فلا تأثير لتغيّر الاجتهاد فيه ، أو كون رأيه عدم الجواز بغير التراب. وأمّا ثانيا : فلأنّه لو كان رأيه ذلك لم يصحّ الإبدال بلفظ الأرض فضلا أن يكون أولى. وأمّا ثالثا : فلأنّ أعميّة الدليل عن المدّعى ليس بفاسد حتّى يكون المناسب الصواب ، بل الفاسد هو أخصّيته عنه. نعم المطابقة أحسن وأولى ، فالصحيح هو الأولى ؛ لأجل المطابقة المذكورة.
وإلى هذا أيضا نظر الشارح كما يشعر به قوله : « كما يقتضيه الخبر » ، نعم لو نظر إلى استفادة الحصر من تقديم الخبر في قوله : « الطهور هو الماء والتراب ». لصحّ أن يقال : إنّ الصحيح هو الإبدال دون الأولى ، ولكن ليس نظر الشارح إلى ذلك.
قوله : خصوصا على مذهبه.
متعلّق بقوله : « وكان الأولى ».
قد يقال : إنّ في مقام يستعمل لفظ خصوصا يجب تحقّق أمرين : أحدهما : تحقّق الحكم السابق عليه ، ولو لم يتحقّق ما بعده. وثانيهما : أولويّة وجود السابق عند وجود ما بعده. والأمر الأوّل غير متحقّق هاهنا ؛ لأنّ على مذهب من لا يجوّز التيمّم بغير التراب من اصناف الأرض لا يكون غيره من الطهور المأخوذ في تعريف الطهارة ؛ لأنّ الطهور مشروط استعماله بالنيّة لا يكون إلّا المطهّر من الحدث وغير التراب لا يكون مطهرا من الحدث على هذا ، فلا يكون من أفراد الطهور المأخوذ في الحد ومراد المصنّف بقوله : « والطهور هو الماء والتراب » هو بيان الطهور المأخوذ فيه.