الحاصل في الأوّل ليس إلّا العوض ، والحاصل في الثاني هو الثواب ، وبينهما بون بعيد.
وظاهر كلام الشارح مؤذن بأنّه حمل العوض في كلام ذلك المجيب بالعوض الدنيوي حيث قال : « وهو منقطع » وقال أيضا : « بل قد يجتمع في الاوّل » حيث أتى بلفظة « قد » الدالّة على التقليل ، والظاهر من كلام المجيب أنّه أراد العوض الاخروي ، وفرّق بين العوض والثواب : بأنّه إذا ذهب المال بغصب أو نحوه لا يستحقّ في الآخرة إلّا ما يقابله من العوض ؛ لعدم كونه اختياريا ، بخلاف ما لو بذله اختياريا لأجل الوضوء ، فإنّه يعطى من الثواب أضعاف ما يقابل ما بذل ؛ لكونه عبادة اختيارية مطلوبة للشارع كما يدل عليه قوله تعالى : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ). (١)
ثمّ إنّه على هذا أيضا يجري الردّ الأوّل الذي ذكره الشارح كما لا يخفى ، بل يجري الردّ الثاني الذي ذكره بقوله : « قد يجتمع » أيضا ؛ لإمكان اجتماع العوض الدنيوي مع الثواب الاخروي كما إذا عرف اللص بعد مدّة وأخذ منه العوض ، أو صار الغاصب ضعيفا ، و (٢) المالك قويّا ويأخذ المال منه.
بل يرد على هذه التفرقة أيضا : أنّ الحاصل منه في الأوّل أزيد منه في الثاني ؛ إذ لا يحصل في الثاني إلّا الثواب الذي يقتضيه البذل ، ويحصل في الثاني (٣) هذا الثواب حيث جعل ماله لاجل الوضوء في معرض التلف مع زيادة هو أخذ العوض من اللص أو الغاصب في الآخرة؟
قوله : ولو اختلفت الى آخره
أي : لو اختلفت الأرض : بأن كانت بعض جوانبها حزنة وبعضها سهلة ، فتوزع بحسبهما أي : يطلب من الجانب الحزنة غلوة سهم ، ومن السهلة غلوة سهمين ، أو كان بعض مسافة جانب منها حزنة وبعضها سهلة : بأن كان مقدار سهم حزنة والباقي سهلة ، أو بالعكس.
وحينئذ فإن كانت الحزنة متقدّمة فلا حاجة إلى التوزيع ، بل يطلب في الحزنة فقط ، وإن كانت السهلة متقدّمة فيطلب في تمام السهلة ومقدار نصف غلوة سهم في الحزنة ؛ لانّ
__________________
(١) الانعام : ١٦٠.
(٢) فى الاصل : أو.
(٣) فى الاول ظ.