وقوله : « وكونها أحد الجزءين » بيان لجعل الأذان من الكيفيّة ، مع أنّ ما مرّ دلّ على كون الإقامة خاصّة جزءا والمعنى : أنّ مقارنة الإقامة وكونها واحدا من الأذان والإقامة وأحد الجزءين من هذا المجموع يوجب مقارنة الأذان أيضا ؛ لأنّ مقارنة الجزء توجب مقارنة الكلّ عرفا أيضا.
قوله : على التحقيق.
من أنّ النيّة شرط للصلاة. وخلافه قول من ذهب إلى أنّها جزء منها وركن فيها.
قوله : ينويهما أوّلا.
أي : ينوي أنّه يأتي بالأذان والإقامة قربة إلى الله سبحانه.
وقوله : « لأنّهما عبادة » تعليل لاشتراط النيّة فيهما. وتوضيح التعليل : أنهما ـ أي :الأذان والإقامة ـ عبادة ، وكلّ عبادة من لوازمها أن يترتّب عليها ثواب ، لأنّ العبادة لا يخرج عن الواجب والمستحب ، ولا يخلو شيء منهما عن الثواب ، وترتّب الثواب على الفعل لا يكون إلّا بعد النيّة ، فتحقّقها موقوفة على النيّة.
وممّا ذكرنا يندفع ما يتوهّم من حزازة العبارة من حيث إنّ المصنّف علّل اشتراط النيّة بكونها عبادة ، ثمّ فرّع عليه افتقار الثواب إلى النيّة ، فالتفريع لا يدلّ إلّا على أنّ ترتّب الثواب عليهما مشروط بالنيّة ، لا أنّهما مطلقا مشروطان بها. على أنّ تفريع افتقار الثواب إلى النيّة على كونهما عبادة لا يخلو عن شيء لعدم الاحتياج في ذلك إلى كونهما عبادة ، فإنّ ترتّب الثواب على كلّ فعل موقوف على النيّة.
وتوضيح الدفع : أنّ المراد بقوله : « لانهما عبادة » أنّ الأذان والإقامة المستحبّين في الصلاة لا بدّ وأن يكونا عبادة ، أو اريد فعلهما عبادة ، فيفتقر في تحقّقها إلى تحقّق جميع لوازم العبادة ومنها الثواب المفتقر إلى النية ، فيفتقر إلى النيّة. فلم يفرع افتقار الثواب إلى النيّة على كونها عبادة ، بل فرّع الافتقار إلى النيّة من حيث ترتّب الثواب على لزوم كونهما عبادة ، فيندفع المحذور الثاني ، والتفريع يدلّ على أنّ لازم العبادة موقوف على النيّة وبعد لزوم كونهما عبادة يثبت الافتقار إلى النيّة ، فيندفع الأوّل أيضا ، فافهم.