يجعلوا مصبّا للصدقات وتكرير « في » في قوله : « وفي سبيل الله وابن السبيل » فيه فضل ترجيح لهذين على الرقاب والغارمين ».
ثمّ لا يخفى أنّ الظاهر من كلام المصنّف حيث رفع « الغارمون » وعطفهم على « فِي الرِّقابِ » دون الرقاب : أنّه جعل الغارمين وابن السبيل في الآية معطوفين على « الفقراء » دون « الرقاب وسبيل الله » كما صرّح به بعض المفسّرين. ويمكن أن يكونا في الآية ـ عنده ـ معطوفين على « الرقاب وسبيل الله » كما يدلّ عليه كلام صاحب الكشّاف ، ولكنّه لم يتبع الآية فيهما ، أو في الغارمين فقط ، للترجيح الذي ذكره صاحب الكشّاف ، أو لتحقّق نوع ملكيّة واختصاص فيهما ، وإن لم يجز لهما صرفه في كلّ ما شاءوا وأرادوا.
ثمّ إنّ معنى قول المصنّف : « وَفِي الرِّقابِ » : أنّ المستحقّ هم المستحقّون في الرقاب أي لأجلها ، أو الصارفون لما يأخذونه من الزكاة في فكاك رقابهم ، أو المعبّر عنهم في الآية بقوله تعالى : ( فِي الرِّقابِ ).
قوله : ومثلهم في سبيل الله.
أي : في أنّ استحقاقهم ليس على وجه الملك ؛ فلذا أتى بلفظة « في » فيه أيضا.
وفي أنّه لم يعبّر عنه الّا بالصورة الظرفية تبعا للآية وتنبيها على أنّ الاستحقاق فيه ليس على وجه الملكية والاختصاص كسائر الأصناف ؛ فإنّه يعمّ الناس وغيرهم ممّا لا يتصوّر فيه الملك أو الاختصاص الذي يتبادر من الاستحقاق كالمساجد والقناطر ونحوهما ، وبتقدير أن يعطى سهمهم الناس ، فإنّما يأخذونها للصرف في جهة خاصّة من الجهاد خاصّة أو نحوه من القربات المسببة للاستحقاق ، فينبغي التنبيه على أنّ جهة استحقاقهم واختصاصهم ذلك خاصّة.
قوله : والمناسب لبيان المستحق إلى آخره
يعنى : لو لم يلاحظ ما ذكر من متابعة الآية والتنبيه كان المناسب للنظام أن يقول :« الرقاب وسبيل الله » من دونه لفظة « في » ويحملهما على المستحق. أما الرقاب فلا إشكال في حملها على المستحق ، وأمّا سبيل الله فإمّا بإرادة من يعطى لسبيل الله أو