مقدورا لمن وجب عليه ذو المقدمة وإعطاء الغير غير مقدور لمن وجب عليه الأخذ ، فلا يكون واجبا.
وأمّا ثالثا ؛ فلانّ الظاهر أنّ الضمير عائد إلى من تقدّموا في قوله تعالى : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ) (١) ولا يلزم من وجوب الأخذ منهم الأخذ من غيرهم.
وأمّا رابعا ؛ فلأنّه لا يتعيّن أن يكون الصدقة في الآية هي الزكاة ، بل إنّما هي أموال كانوا يعطونها لتكون كفارة لما أذنبوه من التخلّف ؛ فإنّه روي أنهم قالوا : يا رسول الله! هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدّق بها عنّا وطهرنا واستغفر لنا. فقال صلىاللهعليهوآله : « ما امرت أن آخذ من أموالكم شيئا ». فأنزل الله هذه الآية.
وأمّا خامسا ؛ فلمنع كون النائب كالمنوب مطلقا.
قوله : لأنّ ذلك حقّ له إلى آخره
يعني : أنّ إخراج الزكاة حقّ للمالك كما أنّه أيضا حقّ عليه بمعنى : أنّ الإخراج متّصف بهذين الوصفين باعتبارين ، أمّا كونه حقّا للمالك فباعتبار أنّه مستقل بالاخراج وله هذه الولاية كما [ أنّ ] لكلّ وكيل الولاية فيما وكّل فيه ، وأمّا كونه حقّا عليه ، فلكونه إضرارا به ظاهرا وباعتبار أنّه تكليف عليه.
ولا يخفى أنّ اتّصاف الإخراج بالوصفين بالاعتبارين إنما هو على القول المشهور الذي اختاره المصنّف من استقلال المالك بالإخراج ، وأمّا على القول بوجوب الدفع إلى الإمام أو نائبه ابتداء ، فلا يكون حقّا له ويلزمه عدم تصديقه فيه حينئذ ، كما أنّه لا يصدق إذا أمره الامام أو نائبه الخاص أوّلا بعدم الإخراج إلّا بإذنه. ثمّ الوجه في أنّه إذا كان حقّا له يجب تصديقه فيه : أنّه حينئذ لا مدخليّة للغير فيه ، فلا وجه لمطالبته ومؤاخذته وتكذيبه ولا يجب عليه أيضا الإشهاد به.
قوله : ولا يعلم إلّا من قبله.
دليل آخر لتصديق المالك ، وقوله : « وجاز احتسابها » من تتمّة هذا الدليل أي : و
__________________
(١) التوبة : ١٠٢.