هذا جواب لما يمكن أن يقال : إنّ الفدية هنا بدل عن القضاء ، أو الصوم أداء وقضاء جميعا ، ولذا يكتفي به من لا قضاء عليه ، ولا يجوز الجمع بين البدل والمبدل ، فإذا وجب القضاء سقطت الفدية.
وحاصل الجواب : أنّ كونها بدلا عن القضاء خاصّة ، أو مع الأداء ممنوع لجواز أن تكون عوضا عن الإفطار أي : المفطر من باب إطلاق المصدر بمعنى اسم المفعول كالخلق بمعنى المخلوق ، والمفطر هو الصوم الأدائي الفائت ، أو المراد بالإفطار الأداء الفائت بالإفطار من باب التوسّع أو المراد بالعوض الخير والتكفير كما هو الشائع المتعارف ، كما يقال لمن خالف وعدا في ليلة عد ليلة اخرى عوض خلف وعدتك وهذا هو السر في التعبير في الأوّل بالعوض ، وفي الثاني بالبدل.
ويمكن أن يكون السرّ ما ذكره الراغب من : « أنّ البدل أعمّ من العوض ، فإنّ العوض هو أن يصير لك الثاني بإعطاء الأوّل ، والتبديل قد يقال للتغيير مطلقا وإن لم تأت ببدله (١) » والقضاء لم يكن واجبا أوّلا ، فيصح جعل الفدية بدله بخلاف الأداء ، فإنّه كان واجبا ، فيكون عوضه.
ويمكن أن يكون السرّ اشتهار العوض في عوض ما فات بلا اختيار ، والأداء كذلك ، والبدل شائع في البدل الاختياري كخصال الكفّارة ، والكلام هنا في كم يتمكّن من القضاء.
قوله : لا يروي.
أي : لا يروي أصلا ، وبحسب العادة ، بل يطلب الماء أكثر مما يعتاد طلبه. ثمّ إن هذا معنى ذي العطاش. وأمّا التقييد بقوله : « لا يتمكّن من ترك شرب الماء طول النهار » أي :
أصلا وإلّا مع مشقّة شديدة لا تتحمّل عادة ، فإنّما هو لبيان المراد منه في هذا المقام ، فإنّه قد يكون المرء غير متمكّن من تركه كذلك ، ولكن لا يكون ذا العطاش بمعناه المتعارف ، وقد يتمكّن من تركه كذلك ويكون ذا العطاش.
قوله : المأيوس من برئه.
قال الشيخ علي في حاشية الشرائع : « ويثبت اليأس من برئه بقول طبيبين عارفين ». و
__________________
(١) المفردات : ٣٩.