قوله : وإنما أفاد تخصيصه.
يعني : أنّ غاية ما ثبت من التخصيص بالمتعلّق تخصيص الوقف ببعض مصالحهم ، وهو المصلحة الحاصلة من جهة المسجد ومثله ، وذلك أي : التخصيص بالبعض لا ينافي الصحّة ، وإنّما المنافي لها هو الوقف على ما لا يصح تملّكه ، أو ذلك أي ، التخصيص بمتعلّق يفيد التخصيص بمصالح المسلمين لا ينافي الصحّة ، وإن كان ذلك المتعلّق ممّا لا يصلح تملّكه.
قوله : لأنّ الوقف على كنائسهم.
هذا تعليل لاستلزام ذلك جواز الوقف على البيع والكنائس. وقوله : « للفرق » تعليل لعدم ورود ذلك.
وتوضيح الإيراد والجواب : أنّه لما ذكر أنّ الوقف على المساجد وقف على بعض مصالح المسلمين الذين يجوز الوقف على مصالحهم ، وكانت أهل الذمّة أيضا ممّن يجوز الوقف على مصالحهم كان يرد حينئذ أنّ اللازم من ذلك جواز الوقف على البيع والكنائس أيضا ؛ لأنّه وقف على بعض مصالح أهل الذمّة الذين يجوز الوقف على مصالحهم ، فأجاب : بأنّه لا يرد ذلك ؛ لأنّ الوقف على المصالح قد يحرم من جهة اخرى مثل : كون المصلحة محرّمة ، فالمصالح إمّا مصلحة طاعة أو مصلحة معصية فيجوز الأوّل ، ولا يجوز الثاني ، والوقف على بعض مصالح المسلمين الذي هو المسجد من الأوّل ، والوقف على بعض مصالح أهل الذمّة الذي هو البيع والكنائس [ من الثاني ] لأنّ البيع والكنائس ممّا يرتكب فيها العبادات المحرّمة.
والحاصل : أنّ جواز الوقف على مصالح المسلمين يستلزم جواز الوقف على مصالح أهل الذمة إذا لم يكن فرق بين المصلحتين من جهة اخرى ، وهو هنا موجود ؛ لأنّ مصلحة المسلمين هنا مصلحة طاعة ومصلحة أهل الذمّة هنا مصلحة معصية ؛ ولذا لا يجوز الوقف على بعض مصالح المسلمين الذي كان معصية كالوقف على الزنا ويجوز الوقف على بعض مصالح أهل الذمّة الذي كان غير معصية كوقف عين ليشربوا ماءها ، ووقف دابّة ليركبوا عليها لتحصيل معاشهم وأمثالهما.