وحينئذ فللبائع أخذ الثوب من المشتري بالتقاص عن الثمن الذي ردّه عليه ، وإن لم يكن الثمن مقبوضا ، وكان في ذمّة المشتري ، فللبائع أيضا أخذ الثوب الأبيض تقاصا ؛ فإن ساوى قيمة الثوب الثمن فهو وإن زادت فيبقى الزائد عند البائع مالا لا يدعيه أحد ظاهرا ، وإن كان من المشتري في الواقع على تقدير صدق البائع.
هذا شرح كلام الشارح ، وفيه نظر من وجهين :
أحدهما :
أنّ اعتراف البائع إنّما كان ببيع الثوب الأبيض ، لا بانّه ملك المشتري مطلقا ، وقد حكم الشارح بانفساخ البيع بالتحالف ، فما فائدة اعترافه بالبيع بعد انفساخه حتى لم يكن للبائع مطالبته به ولا التصرف فيه.
وثانيهما :
أنّ البائع كما اعترف ببيع الثوب الأبيض كذلك المشتري اعترف بالثمن وانتقاله إلى البائع لو كان البائع قبضه ، واشتغال ذمّة المشتري به لو لم يقبضه البائع ، فيكون حكمه حكم الثوب الأبيض الذي اعترف ببيعه البائع ، فما وجه قوله : « فإن كان قد قبض الثمن ردّ على المشتري »؟.
ويمكن الجواب عنهما :
أما عن الأوّل :
فبأنّ انفساخ العقد إنما هو بعد التحالف. ويحتمل أن يكون كلام الشارح مختصّا بما قبل التحالف ؛ فإنّه عيّن أوّلا البادئ منهما باليمين ، ثمّ فصّل حكم البادئ بقوله : ثمّ إذا حلف البائع أوّلا فحكمه أنه ينتفي بحلف البائع دعوى المشتري وبمجرّده يبطل دعوى المشتري ، ويأخذ الثوب الأسود عنه.
وإذا حلف المشتري أوّلا ، لكونه هو البادئ بالدعوى عليه فبمجرد حلفه يبطل تسلّط البائع عليه ، ولكن لا يبطل مقتضى اعترافه ، فليس للبائع مطالبة الثوب الأبيض ، ولا التصرف فيه ، وإنّما هو بعد وقوع التحالف.