وثانيهما : أن يصالح على هذه المنفعة أي : إجراء الماء على الأرض بأن يكون المحل ملكا لمالكه الأوّل ، ولكن ملك المصالح منفعة إجراء الماء عليه ، فيكون المصالح عليه حينئذ هو منفعة إجراء الماء ، دون المحل ، ويجب حينئذ تعيين المصالح عليه أيضا ، ولكن تعيينه لا ينحصر في تعيين المحل ، بل يمكن بتعيين الماء الذي يجري بأن يصالح على إجراء قدر معيّن من الماء من غير تعرّض لتعيين المحل ، ولا شك بارتفاع الجهالة حينئذ. ويمكن أيضا تعيين المصالح عليه بتعيين المحل بأن يصالح على إجراء الماء على محلّ معيّن ، ولا شك في وجوب التعيين حينئذ عرضا وطولا وعمقا ، إذ لا يملك المحل حينئذ حتى يملكه إلى تخوم الأرض ، بل يتفاوت المصالح عليه بتفاوت العمق.
وصريح كلام الشارح أنّه حمل كلام المصنّف على الأوّل.
ويرد عليه حينئذ : أنّ قوله : « لكن ينبغي مشاهدة الماء » ليس في محلّه ؛ لأنّه بعد ما وقع الصلح على المجرى المعيّن يتعين المصالح عليه ، ويلزم على المصالح له إجراء ما يسعه ، وهذا غير محتاج إلى التعيين.
هذا مع أنّ في حكمه بعدم اعتبار تعيين العمق أيضا كلاما ؛ لأنّ تملّك من ملك شيئا قراره إنّما هو إذا لم يعيّن قدر القرار بتصريح ، أو قرينة جارية ، فلو باع أحد ـ مثلا ـ غيره ملكا معيّنا طولا وعرضا وعمقا إلى حدّ معين جاز ، وفي صلح المجرى من السطح تتحقّق القرينة على أنّه لم يصالح المحل من السطح إلى تخوم الأرض مطلقا ، بل مراده.
لا ينفذ كثيرا في السطح ، فالواجب التعيين عمقا حينئذ أيضا إذا وقع الصلح على المحل.
قوله : بكبر ما وقع.
يعني : لو كان الماء الذي وقع الصلح على إجرائه من ساحته أو سطحه ماء مطر كأن يصالحا على أن يصيب أو يجري ماء مطر سطحه على ساحة ذلك أو سطحه ، يختلف ذلك بكبر المحلّ الذي يقع عليه المطر ، ثمّ يجري الى المحلّ المصالح عليه ، وصغره ، فمعرفته تحصل بمعرفة ذلك المحلّ الذي يقع عليه المطر أوّلا.
قوله : فعلى مالكهما.
لا يخفى أن ظاهر كلام الشارح أن المراد بمالكهما : هو المالك الأوّل لا من ملك بعد