وأمّا الوصية بالإبراء ؛ فلأنّ ما في ذمّة المديون مال للموصي لا يجوز لغيره التصرف فيه ، إلّا بتسليطه إيّاه ، والابراء نوع تصرّف ، فالوصيّة به نوع تسليط على التصرّف.
وأمّا الوقف ؛ فلأنّ الموقوف مال للموصي ، ووقفه تصرّف فيه ، وكذا التجارة في مال المضاربة ، والعمل فيما وقع فيه المساقاة.
وأمّا عن التدبير ؛ فبأن الحق أنّه ليس بوصيّة كما ذهب إليه جمع ، بل هو ايقاع مستقل ، لكنّه بمنزلة الوصيّة في الأحكام من نفوذه من الثلث وجواز الرجوع فيه.
قوله : وبوقف المسجد.
إضافة « الوقف » إلى المسجد يمكن أن تكون بمعنى « اللام » أي : وقف الشيء لمنفعة المسجد ، وأن تكون من باب إضافة المصدر إلى المفعول ، ويكون إطلاق المسجد على الموقوف من باب تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه.
قوله : وإن أفادا إلى آخره.
مراده : أن قوله : « الوصية تمليك » يدلّ على أنّ التمليك حقيقة المعرف ، وتمليك الحصّة من الربح والثمرة لازم للمضاربة والمساقاة مستفاد منهما ، وحقيقتهما ليست تمليكا لهما ، فمعنى قوله : « وإن أفادا » إلى آخره ، أنّ المضاربة والمساقاة وإن كانا ملزومين لتمليك الحصة من الربح والثمرة ، إلّا أنّه غير حقيقتهما ، والظاهر من التعريف أن التمليك حقيقة المعرف.
قوله : وقد لا يحصل ربح إلى آخره.
وفيه أنّ عدم حصول الربح أو الثمرة لا يستلزم انتفاء التمليك ؛ لأنّ التمليك أعمّ من التمليك المنجز والمعلّق على امر ولو لا تعميمه لزم انتقاض الحد بالوصية بالثمرة المتجدّدة ؛ لأنّها أيضا قد لا تحصل ، فيلزم انتفاء التمليك.
وأيضا لو لم يكن التمليك أعم من المنجز والمعلّق لزم أن لا تكون إجارة عين في مدّة معيّنة تمليكا للمنفعة في هذه المدّة مطلقا ؛ لجواز سلب المنفعة.
قوله : لأنّها أعمّ ممّا بعد الوفاة إلى آخره.
اعلم أنّه ليس المراد بالموصول في قوله : « ممّا بعد الوفاة » ، العموم ، وهو ظاهر ، و