لعموم الأخبار على كراهة النصف من كلّ شهر ، واختصاص الاستثناء فيها بأوّل شهر رمضان ، ولأنّه لا يستقيم العطف على المستثنى ؛ لأنّه إما يكون عطفا على المضاف المقدّر أي : أوّل ليلة من شهر رمضان ، ولا يصح الاستثناء حينئذ ؛ إذ لا يستثنى النصف من أوّل الليلة ، أو على المضاف إليه أي : شهر رمضان ، ولم يذكر حكما لنصف الشهر حتّى يصحّ استثناء نصف شهر رمضان. وهذه هي النكتة في تأخير النصف عن المستثنى ، دون تقديمه ؛ إذ التقديم كان يحتمل استثناء شهر رمضان من جهة الأوّل والنصف ، مع أنّه ليس كذلك ، ولا يتوهم مع التأخير رجوع الاستثناء على المستثنى ؛ لما ذكر.
قوله : ألا ترى أنّ المجنون إلى آخره.
يحتمل أن يكون قوله : « ألا ترى » إلى آخره ، بيانا لعلّة خروج الولد مجنونا يعني : أنّه لما كان أكثر أوقات صرع المجنون أوّل الشهر ووسطه وآخره ، ويكون لهذه الأوقات تأثير في الجنون يخرج الولد المتكوّن في هذه الأوقات مجنونا. ويحتمل أن يكون ذلك معلولا لخروج الولد المتكوّن في هذه الأوقات ؛ لأنّها أوقات استقرار نطفته الذي له مدخليّة تامّة في تأثير مقتضياته في مثل هذه الأوقات. فعلى الأوّل تكون لفظة الواو في قوله : « ووسطه وآخره » للجمعية. وعلى الثاني تكون بمعنى : « أو » لأنّ العلّة التي هي استقرار النطفة لا تكون الا في واحد من هذه الأوقات ؛
قوله : لقول الله عزوجل : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ ) إلى آخره.(١)
قد يستشكل في تعليل الإمام استحباب الجماع في أوّل ليلة من شهر رمضان : بأنّ التحليل لا يدلّ على الاستحباب ، فإن كلّ مباح أيضا حلال ، وبأنّ ليلة النصف من رمضان أيضا ليلة الصيام مع أنّه مكروه ، فكيف التوفيق؟ ويمكن دفع الأوّل : بأنّه يمكن أن يكون ...
قوله : للنهي عنه عن الكاظم عليهالسلام إلى آخره.
هو في رواية اسحاق بن عمّار عن الكاظم عليهالسلام قال : قلت له : الرجل معه أهله في السفر لا يجد الماء أيأتي أهله؟ قال : « ما احب أن يفعل ذلك إلّا أن يخاف على نفسه ». (٢) والمراد من خوفه على نفسه ؛ خوفه عليها بترك الجماع من حصول مرض ، ونحوه. والمراد
__________________
(١) البقرة : ١٨٧.
(٢) وسائل الشيعة : ٢٠ / ١١٠ ، نقلا عن التهذيب.