ما في تحت يدي ، وأدّوا ما أخذت من بيت المال إلى عمر ليصرفه في مصالح المسلمين ؛ فإنّي لا أُريد أن آخذ بهذا العمل شيئاً.
فلمّا أدّى ما أخذه من بيت المال بعث إلى عمر إجّانة (١) ، وحِلْساً (٢) ، وأثواباً عتيقة كانت عنده ، فلمّا رآها عمر بكى وقال : لقد أتعب مَن بعده (٣).
وأوصى أبو بكر أن يكفّن في أثوابه التي لبسها أيّام حياته ، وقال : إنّ الحيّ بالجديد أجدر (٤).
هكذا كان سيرتهم في الخلافة.
ثمّ إنّ ابن المطهّر الأعرابي أخذ يكتب لهم المطاعن ، فَلُعن من مشوم طاعن.
هذا ما ذكره من مطاعن الصدّيق وشيخ المهاجرين ، والحمد لله الذي وفّقنا لإبطال مطاعنه على وجه يرتضيه المؤمن الموافق ، ويتسلّمه المخالف المشاقق ؛ لظهور حجّته وبُهور (٥) برهانه.
__________________
(١) الأَجانةُ والإجانةُ والإنجانةُ ـ وقد منع الجوهري الأخيرة هذه ـ ، وأفصحها : إجانةٌ : وهي واحدة الأَجاجين ، أو المرْكَن ، وهو ما يُغسل به الثياب.
انظر مادّة «أجن» في : الصحاح ٥ / ٢٠٦٨ ، لسان العرب ١ / ٨٢ ؛ ومادّة «ركن» في الصحاح ٥ / ٢١٢٦ ، لسان العرب ٥ / ٣٠٦.
(٢) الحلسُ والحلسُ : كلّ شيء وَلِيَ ظهر البعير والدابّة ، تحت الرحل والقتَب والسرج ، وهي بمنزلة المرشحة تكون تحت اللبد ، وقيل : كساء رقيق يكون تحت البَرْذَعة ؛ والجمع : أحلاس وحلُوس.
انظر مادّة «حلس» في : الصحاح ٣ / ٩١٩ ، لسان العرب ٣ / ٢٨٢ ـ ٢٨٣.
(٣) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٣٥٤ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٢٧١.
(٤) انظر : الكامل في التاريخ ٢ / ٢٦٧.
(٥) البَهْر : الغلَبَة ؛ وبَهَرَهُ يَبهَرُهُ بَهْراً : قهَرَهُ وعَلاهُ وغلَبَهُ ، وبَهَرَ القمرُ النجومَ بُهُوراً : غمرها بضوئه ؛ انظر : لسان العرب ١ / ٥١٥ مادّة «بهر».