وعليٌّ فيكم».
فقام عليٌّ وخطب ، وقال : إنّ بيني وبين أبي بكر شيء (١) ؛ فإنّه استأثر هذا الأمر دوننا ، ولم يتوقّف بحضورنا ، وهو أَوْلى للخلافة.
ثمّ قال : ابسط يدك لأُبايعك!
فبايعه في محضر الناس ، وبايع بنو هاشم ، وتمّ الأمر.
هذا رواية الصحاح في بيعة عليّ لأبي بكر ، وهذا كان أطوار الصحابة ، وهم لم يكونوا للملك طالبين ، ولا في الحكومة راغبين ، وكان أميرهم كفقيرهم ، فإنّ أبا بكر لم ينصب نفسه إماماً ليأكل أموال الناس ، ويتنعّم باللذائذ.
فإنّ أصحاب الصحاح ـ من الروايات ـ اتّفقوا على أنّه لمّا وليَ الخلافة أصبح يمشي في السوق وعلى رقبته أثواب يبيعها ، فجاءه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقالوا : يا خليفة رسول الله! أتدع الناس فوضى وتعمل في السوق؟!
فقال : إنّ لي عيالا ، ولو لم أعمل في السوق لضاعوا ، وإنّي مُصلّ بكم ، وأُقيم بأمر الخلافة ، وأعمل في السوق لقوت عيالي.
فجلس أمير المؤمنين عليٌّ وأكابر الصحابة ؛ كعمر بن الخطّاب وعبّاس وعثمان في المسجد ، قالوا : عيّنوا شيئاً لأبي بكر من بيت مال المسلمين ليبذله في عياله ويترك عمل السوق ؛ لئلاّ يضيع أمر المسلمين.
فعيّنوا له كلّ سنة ألفي درهم ، فأخذ في السنتين من أيّام خلافته أربعة آلاف درهم من بيت المال ، فلمّا قرب وفاته قال لعائشة : بيعوا جميع
__________________
(١) كذا في الأصل ، والصحيح لغةً : شيئاً.