قَباء (١) من ديباج ، قال : قد صبا فما ذاك؟! فأنا له جار.
قال : فرأيت الناس تصدّعوا عنه ، فقلت : من هذا الرجل؟
قالوا : العاص بن وائل» (٢).
وأمّا قوله : «كان وزيراً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لا يصدر عن أمر إلاّ برأيه ومشاورته» ؛ فقد سبق مثله في حقّ أبي بكر ، وعرفت الكلام فيه (٣).
وأما قوله : «كان ينطق السكينة على لسانه ، كما روي في الصحاح ...» إلى آخره ..
ففيه : إنّ هذا ـ وسائر ما يذكره من أخبارهم ـ إن أراد به البيان لأصحابه ، فهم في غنىً عنه ؛ لعلمهم بها.
وإنْ أراد به الاستدلال علينا ، فهو خطأ ؛ لأنّا نعتقد كذبها ؛ إذ هي ـ مع ما عرفت من حال رواتها ـ قد قامت الضرورة والأدلّة الواضحة على كذبها ؛ إذ كيف تصحّ دعوى نطق السكينة ووضع الحقّ على لسان عمر وقلبه ، وقد شكّ يوم الحديبية (٤) ، وأنكر على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بما أنكر (٥) ، ونسب إليه الهجر (٦) ، فسببَ كلّ ضلال وقع ويقع إلى يوم القيامة؟!
وكيف تُحتمل الصحّة في ما رووه : «لو كان بعدي نبيّ لكان عمر»؟!
__________________
(١) القباء : ضربٌ من الثياب ، سُمّي بذلك لاجتماع أطرافه ، والجمع : أَقْبِيَة ؛ انظر : تاج العروس ٢٠ / ٦٣ مادّة «قبو».
(٢) صحيح البخاري ٥ / ١٣٨ ح ٣٤٨.
(٣) راجع الصفحات ٦٤ ـ ٦٦ ، من هذا الجزء.
(٤) إشارة إلى قول عمر يوم الحديبية : «ما شككت مذ أسلمتُ إلاّ يوم صالحَ محمّد أهلَ مكة» ؛ وسيأتي تفصيل ذلك في محلّه من الجزء الثامن.
(٥) راجع : ج ٤ / ٢١٣ هـ ٥ ، من هذا الكتاب.
(٦) قد تقدّم تخريجه في ج ٤ / ٩٣ هـ ٢ من هذا الكتاب ؛ وسيأتي تفصيل ذلك في الصفحة ١٨٣ وما بعدها من هذا الجزء ؛ فراجع!