فإنّ الإيمانَ مطلقاً ـ أو بعد البلوغ ـ شرطُ النبوّة ، وعمر قضى أكثر عمره في الكفر!!
وكيف تُقبل دعوى فرار الشيطان منه ، ولم يفرّ ـ بزعمهم ـ من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى ألقى على لسانه كلمة الكفر ، ولا عن آدم وغيره من الأنبياء (١)؟!
وهو ـ أيضاً ـ قد استزلّه الشيطان وأشباهه يوم أُحد ، ففرّوا عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كما قال تعالى : (إنّ الّذين تولّوا منكم يوم التقى الجمعان إنّما استزلّهُم الشيطان) (٢) (٣).
وقد قال أبو بكر : «إنّ لي شيطاناً يعتريني» (٤) ، وهو عندهم خيرٌ من عمر ، ورَوَوْا : «إنّ لكلّ إنسان شيطاناً» (٥).
وليت شعري ، ما الذي يخافه الشيطان من عمر حتّى يفرّ منه ، ولا يسلك فجه ولا سلطانَ له عليه؟!
ومن المضحك أن يجعل هذا الخبر من الإلزاميات العجيبة لنا ، مع ما عرفت من حاله ، وأنّه من أخبارهم.
وأظرف منه استشهاده به ؛ لكون المنافقين وأهل الفساد يخافون من عمر ، فإنّه لم يظهر من النسوة شيء من النفاق والفساد ، وإلاّ فكيف سكت
__________________
(١) راجع مبحث عصمة الأنبياء (عليهم السلام) في : ج ٤ / ١٧ وما بعدها ، من هذا الكتاب.
(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٥٥.
(٣) انظر : شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٩٣ وج ١٥ / ٢٠ و ٢٢.
وقد تقدّم فرار عمر والصحابة في الحرب في : ج ٤ / ٥٧ هـ ١ وج ٦ / ٤١٤ ـ ٤١٦ و ٤١٨ ، من هذا الكتاب ؛ فراجع!
(٤) تقدّم تخريجه في الصفحة ٢٣ هـ ٢ ، من هذا الجزء.
(٥) تقدّم تخريجه في الصفحة ٢٤ هـ ٢ ، من هذا الجزء.