رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرض موته أمَّر أُسامة على جيش فيه جلّة المهاجرين والأنصار ، منهم : أبو بكر ، وعمر ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ـ إلى أن قال : ـ وقام أُسامة وتجهّز للخروج ، فلمّا أفاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سأل عن أُسامة والبعث ، فأُخبر أنّهم يتجهّزون ، فجعل يقول : «أنفِذوا بعث أُسامة ، لعن الله مَن تخلّف عنه» ، وكرّر ذلك ـ إلى أن قال : ـ فما كان أبو بكر وعمر يخاطبان أُسامة إلى أن ماتا إلاّ بالأمير».
وبهذا عُلم أنّ لعن المتخلّف ثابت بأخبارهم.
كما ذكره أيضاً الشهرستاني في أوائل «الملل والنحل» ، عند بيان الاختلافات الواقعة في مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعد وفاته ، قال : «الخلاف الثاني في مرضه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال : جهّزوا جيش أُسامة ، لعن الله مَن تخلّف عنه ، فقال قوم : يجب علينا امتثال أمره ...» (١) إلى آخره.
وحكى شارح «المواقف» في أوّل تذييل «المواقف» عن الآمدي ، أنّه ذكر الاختلافات الواقعة من المسلمين ، وعدّ منها الاختلاف في التخلّف عن جيش أُسامة ، قال : «قال قوم بوجوب الاتّباع ؛ لقوله : جهّزوا جيش أُسامة ، لعن الله من تخلّف عنه.
وقال قوم بالتخلّف عنه ؛ انتظاراً لِما يكون من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضه» (٢).
ومثل هذا الكلام ، وكلام الشهرستاني ، دالاّن على أنّ لعن المتخلّف من الأُمور المسلّمة عندهم.
ولو سُلّم أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يلعن المتخلّف ، فالله سبحانه قد
__________________
(١) الملل والنحل ١ / ١٢.
(٢) شرح المواقف ٨ / ٣٧٦.