لعنه ؛ لأنّ في التخلّف إيذاءً للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد لعن سبحانه من آذاه وأعدّ له عذاباً أليماً ، قال تعالى في سورة الأحزاب : (إنّ الّذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مهيناً) (١).
وقال سبحانه في سورة التوبة : (والّذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم) (٢).
.. إلى غيرهما من الآيات (٣).
واعلم أنّ رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعظمُ الناسِ سياسةً ، وأفضلُهم حكمةً ، وأسدُّهم رأياً ، وأصوبُهم عملا ، وأظهرُهم عصمةً ، وقد أقدم على بعث أُسامة ـ وهو ابن سبع عشرة سنة ـ رئيساً على كبار الصحابة وشجعانهم ، ومَن مضت لهم التجربة في الحروب والرئاسة ، ولهم السنُّ والسمعة ، مع عظم الوجه الذي وجّهه فيه وأهمّيته وبُعد الشُقة ، حتّى إنّه لمّا قدّمه عليهم قالوا وتكلّموا ، فلم يمنعه طعنهم في إمرته ، وعزم على خلاف رغباتهم ومقاصدهم ، كما أمره الله تعالى بقوله : (فإذا عزمتَ فتوكل على الله) (٤) (٥).
__________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٧.
(٢) سورة التوبة ٩ : ٦١.
(٣) كقوله تعالى : (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ... إنّ ذلكم كان عند الله عظيما) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٣.
(٤) سورة آل عمران ٣ : ١٥٩.
(٥) هذا ، ويظهر من هذا الخصم [أي : ابن روزبهان] ـ في أوّل كلامه ـ أنّ أبا بكر كان من الجيش ، إلاّ أنّه اعتذر عنه بأنّه استأذن أُسامة ـ وهو الأمير ـ في التخلّف.
ويَرِدُ عليه ـ مع أنّ وقوع الاستئذان ممنوعٌ ـ : إنّه كيف يجوز له الاستئذان